كلمة (الحوار)، و(الآخر) من أكثر الكلمات التي يتداولها مثقفونا في أطروحاتهم أو أحاديثهم، بزعم إشاعة الحوار كثقافة، واحترام الآخر ككيان له رأيه وحريته واستقلاليته. لكن يبدو أن المثقفين يكرسون هذا المفهوم حينما يكون الرأي أو الاتصال في اتجاه واحد، هم مصدره، أما إذا حدث العكس، فهم أول من ينسف الحوار، وأول من يصادر الآخر، كياناً ورأياً، إن جاء بما لا يعجبهم! في الأيام الماضية “استمتعنا” بحوار “نخبوي”، محوره الكاتب صالح الشيحي، الذي طرح انطباعاً شخصياً عن ملتقى المثقفين بعد مشاركته فيه، عبر تغريدة عصماء، يبدو أنها جرّت يده إلى “عش دبابير”! هذا الحوار كشف عن أن (النُخَبْ) السعودية المثقفة تضيق بالحوار، وليس لديها القدرة على استيعاب الرأي الآخر أياً كان، وما كان تعاطيها مع تغريدة الشيحي، إلا انعكاس لواقعها! وإلا ما الذي منعهم من أن يصنعوا من “الحالة الشيحية” أنموذجاً حوارياً على اعتبار أن الرجل محسوب عليهم؟! أو على الأقل لماذا لم يعتبروه “آخر مستقل” له حرية التعبير عن رأيه، وعليه إثبات صحته، والحكم للناس في نهاية الأمر؟! لست (مع) أو (ضد) موضوع “الحوار الشيحي”، لكنني ضد آليته التي كانت اختباراً حقيقياً للنخبة المثقفة في عصر الإعلام الجديد، وكانت نتيجته صادمة للجماهير، التي شهدت بنفسها كيف تتورط النخبة فيما كانت تقذف به الآخرين، فقط لأنها وضُعت على محك التقييم أو النقد!