وصف عضو مجلس الشورى، إبراهيم البليهي، المجتمعات العربية والإسلامية بأنها فاقدة للقيم والأخلاق الإنسانية، وأنها «نشاز» عن البشرية، وأنَّ أفرادَها عاجزون عن أن يتفاهموا مع أنفسهم، فضلاً عن أن يتفاهموا مع الآخرين. وقال البليهي، خلال محاضرة «الريادة والاستجابة» التي أقيمت صباح أمس، في خميسية حمد الجاسر الثقافية، وأدارها الدكتور مرزوق بن تنباك: إنَّ أفراد مجتمعاتنا متمسِّكَةٌ بثقافةٍ تدفعُهم إلى قتل وتفجير أنفسهم والآخرين، «ونرى أنَّنَا نؤدي واجباً أمرنا به دينُنَا»، مضيفاً «لا أعتقد أنه يوجد أمة من الأمم تستهين بالنفس البشرية كأمتنا، وليست النفس البشرية البعيدة التي رُبِّينَا على كرهها بل القريبة، كالجار إذا اختلف معي». وبيَّن أن أفراد هذه الأمة أصحبوا قنابل متفجِّرة، نتيجة تربيتهم على ذلك، ولو أُتيح لكثير منهم لأعادوا المجتمع إلى تجربة الصومال وأفغانستان ومالي، مشيراً إلى أنَّ نفوس أفراد الأمة تمتلئ ب»احتقان فظيع» تجاه الآخرين. وقال إنَّ هذه الثقافة لم تمر بها أمة من قبل، مطالباً بالتوقف عن هذا «الهذر حول مزايانا، وثقافة هي سبب بلائنا». وتساءل البليهي عن اهتمامات المجتمعات العربية والإسلامية، والقيم التي يتحدثون عنها، مشيراً إلى أن المقارنة بين المجتمعات تكشف أن هناك مجتمعات تتحدث عن الحياة وتطويرها، وهناك مجتمعات «جنائزية»، تتحدث طوال الوقت في مساجدها، وأماكن التعليم فيها، عن الموت، وما يجب أن يُستعَدَّ له. وأضاف «تتواثب الأمم على القمم، ونحن نتواثب على الحفر، ولا نكتفي بأن نبقى متخلفين، بل نريد جر العالم معنا… أخبارنا تتصدر العالم كله، لكنها تتصدره بالأسوأ، قتل وتفجير، ليته قتالٌ شريف من أجل استرداد وطن، أو دفاع عن عِرض، وإنَّما نقتل بعضنا بعضاً، نفجِّرُ المساجد لأنَّنَا نختلف مع الآخر، ولأنَّه من طائفة أخرى، أو نفجِّر وسائل نقل تنقل الأبرياء لمجرَّد أننا نختلف مع آخرين». وأشار البليهي إلى أنَّ تقدمَ أيِّ مجتمعٍ قائمٌ على جناحين، هما الريادة الفكرية، والاستجابة الاجتماعية الكافية، لافتاً إلى أنَّ جميع الرواد لم يتم الاستجابة لهم، «ابن رشد وابن الهيثم وابن النفيس، وغيرهم ممن نفتخر بأن الأوروبيين استفادوا منهم، هؤلاء نبذناهم ومازلنا ندرس في مدارسنا التحذير منهم، ومن أفكارهم». وتساءل البليهي: ماهي عناصر ثقافتنا؟ ثقافتنا دون عنصر سياسي، هل من المعقول أنَّ ثقافةً عمرُها 15 قرناً ليس فيها فكر سياسي، وهي الوظيفة الأهم التي توجِّهُ المجتمع؟، مُرجعاً أسباب التخلف إلى الاستبداد، والانغلاق، وأنَّ التطور لا يأتي إلا بالحرية وصدام الأفكار وإتاحه الفرصة لجميع الاتجاهات.