في الوقت الذي يؤكِّدُ الأسد لبعض حلفائه في لبنان أنَّه واثقٌ من النصر ومطمئنٌّ لما يتحقق سياسيًّا وعسكريًّا، وأنَّه على يقين بأنه قادر على كسب الحرب ضد المسلَّحِينَ، تنشر وكالةُ الأنباء الرسميَّة الحكوميَّة السوريَّة خبرَ سقوط قذائف على أحد قصوره في قلب دمشق. ورغم أنه لا توجد مؤشِّراتٌ على سقوط نظام الأسد بشكل سريع أو خلال أسابيع أو حتى شهور، إلا أنَّ عديداً من الدلائل تؤكد أنَّ سقوطَه بات حتميًّا، حيث طلب محقِّقونَ تابعون للأمم المتحدة إحالةَ قادة سوريِّين إلى محكمة الجنايات الدوليَّة رغم عدم إعلان الأسماء. ويُعتَبر ذلك مؤشِّراً ذا أهميَّة، ويزيد من الضغط على الأسد، أضف إلى ذلك موقف وجهاء الطائفة الدرزية الذين خاطبوا أبناءهم بالانسحاب من جيش النظام، لكنَّ المؤشرَ الأهمَّ هو تصريحات أحد قادة طهران الدينيِّين، الذي قال: إنَّ سوريا هي المحافظة الإيرانية الخامسة والثلاثون، وإنَّ التخلي عنها سيكون كارثيًّا على إيران أكثرَ ممَّا لو خسرت طهرانُإقليمَ الأهواز. هذا الحديث يعيد للأذهان ما قاله الرئيس العراقي السابق، صدَّام حسين، بعد احتلاله الكويت، قال: إنَّهَا محافظةٌ عراقيَّة، لكنه لم يستطع الاحتفاظ بها طويلاً، بل ربما كان احتلالُه للكويت بدايةَ العدِّ العكسيِّ لسلطتِه وحياتِه، ورجل الدين الإيراني يعي ما يقول حقيقةً؛ لأنَّه يُدركُ تماماً أنَّ سقوط الأسد يعني بداية سقوط الحلم الفارسي الذي دأبَ أتباعُ الخمينيِّ على العمل عليه لأكثرَ من ثلاثين عاماً أنفقت طهرانُ خلالها مئاتِ الملايينَ من الدُّولارات لتوسيعِ نفوذِها وفرضِ سيطرتِهَا على دولٍ في الشرق الأوسط، خاصَّةً سوريا ولبنان وفلسطين. ويدرك مهدي طائب، الذي يترَّأسُ مقرَّ «عمَّار الاستراتيجي» لمكافحة الحرب الناعمة الموجَّهَة ضد بلاده، معنى خسارته لسوريا وما يتبع ذلك من بداية سقوط المشروع الإيراني، والعدُّ العكسيُّ لنهاية ولاية الفقيه، التي لم يكن مقصوداً بها الإيرانيُّون، بل كانت الطريق الوحيد للسيطرة على الطائفة الشيعية خارج إيران وتطويعها لخدمة أهداف «فارس»، ولهذا قال طائب «لو خسرنا سوريا لا يمكنُ أن نحتفظَ بطهران، ولكن لو خسرنا إقليم خوزستان «الأهواز» سنستعيدُه ما دمنا نحتفظ بسوريا». مشروع «فارس» ارتكز على سوريا بالدرجة الأولى رغم أهمية العراق، والآن أصبح سقوط الأسد وسقوط مشروع ولاية الفقيه الحامل للإمبراطورية الفارسية الجديدة وشيكاً، إن لم نقل سقط منذ أن انطلقت الثورة السورية وأدرك السوريُّونَ حقيقةَ هذا النظام.