بدأت أمس المرحلة الثالثة والأخيرة من انتخابات مجلس الشعب المصري، وتشمل هذه المرحلة تسع محافظات هي المنيا والقليوبية والغربية والدقهلية وشمال سيناء وجنوب سيناء والوادي الجديد ومطروح وقنا. وحسب التقديرات الرسمية، فإن عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت 14 مليون ناخب، موزعين على ثلاثة الآف و294 لجنة انتخابية. وحاورت «الشرق» مدير مركز دعم التنمية والتأهيل المؤسسي كمال نبيل، الذي يشارك في الرقابة على الانتخابات المصرية بمراحلها الثلاث، وشارك في مراقبة انتخابات تونس، كما حاورت «الشرق» رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري، العضو في الفريق الدولي الذي نظمه المعهد الوطني الأمريكي (NDI) لمراقبة الانتخابات والمكون من أربعين مراقباً ميدانياً، 15 إدارياً من العرب والأجانب، بالإضافة لإشرافه السابق أيضاً على مراقبة الانتخابات في تونس، فكان معهما هذا الحوار: - ما هو اسم المركز الذي تعمل به بدقة؟ – مدير مركز دعم التنمية والتأهيل المؤسسي، وتم إنشاء لجنة خاصة لمراقبة الانتخابات المصرية، وهي مشروع اللجنة الشعبية لمراقبة الانتخابات، وهي لجنة غير حكومية. - كم عدد الأفراد في المشروع؟ – يبلغ عدد الأفراد مائة فرد، ولكن يعدّ كل الشعب المصري مراقبين للانتخابات. - ما أبرز الملاحظات التي رصدتها اللجنة الشعبية في سير العملية الانتخابية؟ – تتمحور أبرز الملاحظات حول المشاركة الانتخابية العالية التي وصلت إلى 69%، وهذه هي الإيجابية الوحيدة في الانتخابات، ولكن السلبيات كثيرة جداً. - وما هي السلبيات العامة التي رصدها مشروع المراقبة؟ – ضعف اللجنة العليا للانتخابات، وسوء التنظيم في الإجراءات وتأخر القضاة في فتح اللجان الانتخابية، وعدم وجود استمارات كافية، بالإضافة لرفض القضاة توقيع البطاقات غير المختومة. - ولماذا يرفض القضاة توقيع البطاقات؟ ** يرفض القضاة توقيع الاستمارات حتى لا يتحملوا مسؤوليتها، وتكون قابلة للتزوير. - ما أبرز السلبيات في العملية الانتخابية؟ – أبرز سلبيات العملية الانتخابية هو انتهاك الصمت الانتخابي لأكثر الأحزاب في الانتخابات - ماذا يعني انتهاك الصمت الانتخابي؟ – انتهاك الصمت الانتخابي، يعني ممارسة الدعاية داخل اللجان والصفوف، فهناك من يوزع دعاية انتخابية داخل الطابور ويحاول استمالة الناخب، وأكثر الأحزاب مارس انتهاك الصمت، ولكن أبرزها كان حزب الحرية والعدالة للإخوان المسلمين وحزب النور السلفي. ظهور الرشاوى الانتخابية (توزيع المواد الغذائية على الفقراء لاستمالتهم في الانتخابات، وظهرت الرشاوى النقدية، أي تم توزيع مبالغ نقدية على الناخبين). - هل هناك تسجيل لهذه الحالات؟ – نعم هناك تسجيل رسمي ومعلن في الإعلام وتقارير موثقة على موقع اللجنة العليا للانتخابات. كما ظهر شيء آخر جديد استخدم هو «الورقة الدوارة». - ما هي «الورقة الدوارة»؟ – مثلا يعطيك أحد المرشحين أو المعاونين له ورقة مختومة جاهزة بها علامة على اسمه، تدخل اللجنة وتستلم الاستمارة الفارغة وتضع الاستمارة الجاهزة في الصندوق، ثم يعطي الورقة الفارغة للمرشح أو معاونيه ليتأكد أنه انتخبه، ثم يأخذ منه الرشوة مقابل الاستمارة الفارغة. - هناك نقطة مهمة هل للجيش أو الشرطة دور أو «غض الطرف» عن المخالفات في الانتخابات؟ – لم يكن هناك دور للجيش أو الشرطة واضح ومكشوف بالنسبة لنا، ولكن هي المشكلة في نقل الصناديق خاصة أن هناك دوائر بالكامل أبطلت بسبب الشكاوى من عملية نقل الصناديق، فماذا يحدث لا نعرف. كما ظهر أيضاً مسألة تبييض للورقة في الصناديق. - ماذا تعني مسألة تبييض للورقة في الصناديق؟ – تبييض الاستمارات يعني واحد يملأ مجموعة من الاستمارات بنفس القلم ثم يضع كل الاستمارات في الصناديق. - هل هناك دعم من الجيش أو الشرطة أو تسهيل؟ – الجيش والشرطة لم يكن هناك دعم واضح، ولكن هناك دعماً غير ممنهج من القضاة أي مواقف فردية لتأييد انتخاب حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين،الأمر الثاني بعض القضاة «غض البصر» أي أن القضاة تجاهلوا الشكاوى الشفوية لانتهاكات الانتخابات مثل الدعاية الانتخابية داخل اللجان أو خارج اللجان بقولهم ليس لنا شأن إلا بالشكاوى الرسمية أو الطعون التي يقدمها المرشحون. - هل هناك شهادات توثيق للانتهاكات بالتصوير والفيديوهات؟ – نعم هناك توثيق إعلامي واستقبلنا كثيراً من الفيديوهات لهذه الانتهاكات وتم نشرها في الصحف والتلفزيون وعلى اليوتيوب. وبصفتي كنت مشرفاً على الانتخابات بتونس فهناك فرق كبير بين الانتخابات في مصر والانتخابات في تونس، فالانتخابات في تونس نزيهة ومنظمة تدل على خبرات كبيرة جداً مع أنهم أول مرة يجرون انتخابات. - هل أنت شاركت في لجان انتخابات تونس؟ – نعم شاركت مرتين مرة في لجنة رقابة شعبية، والمرة الأخرى في لجنة مراقبة رسمية برئاسة المستشار كمال الجندوبي رئيس اللجنة العليا المستقلة للانتخابات في تونس. وأنا كنت أمثل منظمة ICT (من أجل السلام) منظمة سويسرية حكومية. - كيف الوضع في تونس؟ – شهدت تونس حملة دعاية للتوعية بالانتخابات، وهي كانت قوية جداً ومنظمة جداً، وكانت أجمل الحملات التي رأيتها عن التوعية بالانتخابات. وعندما بدأت العملية الانتخابية كانت منظمة جداً، واستعانوا بموظفين مدربين على أعلى مستوى، بالإضافة إلى لجان المراقبة لإجراء العملية الانتخابية وأشرفوا على توجيه الناخبين ومنع أي تجاوزات، فكانت الانتهاكات التي وردت للجنة لا تتجاوز الدعاية ولم يحدث بها أي شكاوى عنف أو تزوير إطلاقاً، وكانت تعدّ صفراً بالنسبة للانتهاكات التي وردت بالانتخابات في مصر. - هل شاهدتم أي عنف في دوائر الانتخابات التونسية؟ – لم يكن هناك أي حالة عنف في تسجيل الانتخابات التونسية وكل لجان المراقبة شهدت على ذلك. يعني الشكل مختلف في انتخابات مصر فهناك تواطؤ غير ممنهج من القضاة، وهناك دعاية دينية للانتخابات داخل وخارج اللجان قامت بها الأحزاب الإسلامية، وخاصة حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي. كما تم نشر إشاعة كبيرة بأن المجلس العسكري أعلن بتوقيع غرامة خمسمائة جنيه على الممتنع عن الانتخابات، ما دفع كثيراً من البسطاء والفقراء إلى صناديق الانتخابات خوفاً من الغرامة. - ماذا تعني بإشاعة أعلنها المجلس العسكري؟ – تم ترويج إشاعة بين الناس قبل إجراء الانتخابات بأن المجلس أعلن عن غرامة مالية قدرها خمسمائة جنيه للممتنع عن التصويت، وهؤلاء البسطاء غير المثقفين استغلتهم الأحزاب الدينية بالتأكيد على دعوتهم لانتخابهم . - ما هي أهم ملاحظاتكم العامة في مراقبة الانتخابات المصرية؟ – هناك ملاحظات كثيرة، ولا أستطيع أن اختصرها لك ولكن في اعتقادي في مصر لم يكن هناك تزوير، ولكن هناك مخالفات في الدعاية وتأثير قوي على الناخب داخل اللجان وخارجها. - تأثير من أي ناحية؟ – عندما يذهب المواطن للتصويت يحاول المحيطون التأثير عليه بالدعاية الانتخابية أو يخدعونه داخل الطابور لأن هناك كثيراً من البسطاء يمكن التأثير عليهم. - في أي مواقع قامت لجنتكم بالمراقبة؟ – راقبت في القاهرة أربع لجان الجنوبية الشرقية من المعادي إلى المقطم، والمعادي تعدّ ذات أغلبية أرستقراطية، أما باقي المناطق كانت ذات أغلبية فقيرة. - هل شاهدتم توزيع نقود أو رشاوى؟ – لا.. لم أرَ توزيع نقود، ولكن الإخوان المسلمين والنور والسلفيين وغيرهم لديهم جمعيات خيرية، ومن خلال الجمعيات، هناك تأثير كبير من ناحية توزيع المساعدات على الفقراء طوال شهر رمضان والكساء، ودروس التقوية، والمستشفيات الخيرية، وهي موجودة الآن، وكذلك تأثير المساجد والجمعيات والخطب كلها تؤثر على العملية الانتخابية، والقدرة التنظيمية، فتجدهم موجودين في كل المراكز الانتخابية، المراقبون يقومون بتقديم المساعدات، وتوجيه المواطنين للتصويت، وأيضاً يقومون بتوزيع الملصقات الدعائية التي يدعون فيها المواطنين للتصويت للشخص المنتخب. - ما هو الفرق بين الانتخابات المصرية والتونسية؟ – تونس مختلفة تماماً عن مصر.. تونس مجتمع مدني يضبط نفسه بنفسه لكن دعاية حزب النهضة في تونس لم تكن بالطريقة الفجة التي يستخدمها الإخوان المسلمون، كما أن التونسيين مختلفون من حيث أنهم مجتمع وسطي لا يوجد فيهم الفقراء الذين يحتاجون إلى الكساء والغذاء، أي نسبة الفقر متدنية بالمقارنة بمصر، والإقناع السياسي ما هو الإقناع بالمساعدات وغيره يختلف الوضع، ولذلك النهضة حصلت %40 البيئة مختلفة، والأشياء المطروحة في تونس لا تثير الأعصاب، التأثير في الانتخابات أقل بكثير من مصر والمخالفات أقل بكثير من مصر. - وما هي المخالفات التي لاحظتموها في انتخابات مصر؟ -مثلاً في مصر تم استخدام البطاقات، يعني كل هذه المنافع المقدمة من المنتخبين تجاه الناخبين من أجل التصويت فقط من أجل أن يكسب صوتك، صرف مزايا للناخبين مقابل التصويت، وأيضاً قام المرشحون في مصر باستخدام المساجد، ولكن في تونس لا يوجد استخدام للمساجد. - هل السلفيون هم جماعة منشقة من الإخوان المسلمين؟ – لا.. هم غير منشقين.. والسلفيون منظمون في ستة تنظيمات سلفية، أما الإخوان المسلمون فلهم حزب واحد هو حزب الحرية والعدالة. - ومن أعضاء لجنة المراقبة العربية؟ - فريق المراقبة العربي يتكون من أعضاء الشبكة العربية الحكومية للتنمية. كمال نبيل