يسجل باحث مصري أن الإفتاء في البلاد كان يقوم به متطوع ولم تعرف مصر مناصب رسمية للإفتاء منذ دخول الإسلام إلى بدايات العصر المملوكي الذي يمتد من عام 1250 إلى 1517 ميلادية. ويقول عماد أحمد هلال إن “أول وظيفة رسمية للإفتاء في مصر وهي وظيفة مفتي دار العدل الشافعي” ظهرت في القرن الرابع عشر الميلادي ثم تولى المنصب رجال ينتمون إلى مذاهب أخرى، ويضيف في دراسة نشرت في العدد الأخير من مجلة (ذاكرة مصر) أن منصب المفتي في دار العدل استمر حتى نهاية القرن الخامس عشر ولكنه تعرض للإهمال “تدريجيا ثم بطل تماما في أواخر العصر المملوكي” وعاد الإفتاء تطوعيا وحين غزا العثمانيون مصر عام 1517 لم يهتموا بتعيين مفت للبلاد ولكن العلماء المصريين قاموا بذلك على سبيل فرض الكفاية. و(ذاكرة مصر) مجلة فصلية تصدرها مكتبة الإسكندرية منذ أربع سنوات وتعنى بتوثيق جوانب مجهولة من التاريخ المصري. ويضم العدد الأخير دراسات مصورة عن نادي الاتحاد السكندري وضاحية الرمل وكلاهما في مدينة الإسكندرية الساحلية إضافة إلى موضوعات أخرى عن الموالد الشعبية ومدينة بور فؤاد في شمال قناة السويس. ويتزامن العدد الجديد مع اختيار هيئة كبار العلماء بالأزهر يوم 11 فبراير شباط الجاري رئيس قسم الفقه العام بكلية الشريعة والقانون فرع جامعة الأزهر بمدينة طنطا بدلتا النيل الشيخ شوقي إبراهيم عبد الكريم علام مفتيا جديدا لمصر. وتصدر عن دار الإفتاء التي يرأسها المفتى فتاوى في مختلف المسائل الدينية والاجتماعية والثقافية التي تعرض عليها كما يستشار المفتي في أحكام الإعدام التي تصدرها محاكم الجنايات لكن نادرا ما جاء رأي المفتين السابقين مخالفا للأحكام التي استشيروا فيها وترفض المحاكم مشورتهم إن جاءت مخالفة لأحكامها. ويقول هلال إن مصر بعد خضوعها للعثمانيين لم تعرف منصب المفتي رسميا وكان عدد من الفقهاء البارزين يقومون بهذا الدور في الوقت نفسه حتى عام 1596 حيث كان يتولى هذ الأمر الإمام شمس الدين الرملي وحاولت الدولة العثمانية “إيجاد مناصب رسمية للفتوى يتم تعيين شاغليها من اسطنبول” وكان الشيخ الرملي فيما يبدو يعرقل تلك المحاولات. ويسجل أن عام 1603 شهد تعيين الشيخ محمد شمس الدين البكري الشهير بابن عبد الوارث مفتيا لمصر وكان “الأول والأخير من المفتين المالكية” نسبة إلى الإمام مالك ثاني أئمة السنة الأربعة. مُبيناً أن الدولة سعت “للسيطرة على الإفتاء” بتعيين مفت ينتمي للمذهب الشافعي عام 1598 وحمل لقب (مفتي السلطنة الشريفة بالديار المصرية) وهو أبو السرور البكري وتوراثت أسرته هذا المنصب حتى عام 1676 وهو العام الذي توفي فيه الشيخ محمد بن زين العابدين البكري وهو آخر من حمل لقب (مفتي السلطنة الشريفة بمصر). ويضيف أن منصب المفتي في ذلك الوقت لم يكن له دور في الحياة القضائية أو الفقهية بل كان “نوعا من الوجاهة الاجتماعية التي اكتسبتها أسرة البكري” ثم اختفى المنصب مرة أخرى وعاد تطوعيا غير رسمي حتى خصص محمد بك أبو الدهب مناصب رسمية للإفتاء في القرن الثامن عشر بإنشاء مدرسة خصص فيها أماكن لجلوس ثلاثة مفتين. القاهرة | رويترز