أسفرتْ جهودٌ مُضنيةٌ بذلتْها السلطاتُ السعوديَّةُ طِيلةَ أشهرٍ عن توقيعِ اتفاقيَّةٍ أمنيَّةٍ مع الجَانبِ العراقيِّ في الرياض، تمنحُ 59 سجيناً سعودياً في العراق الضوءَ الأخضرَ ليعودوا إلى وطنِهم مقابلَ منحِ نفسِ الحقِّ للسُّجَنَاءِ العِرَاقِيِّينَ في المملكةِ، وعددُهم 110 سجناء، على أنْ تبدأَ مراحلُ التَّبادلِ خلالَ شهر. وطيلةَ الأسابيعِ الماضيةِ عَمِلت الجهاتُ المعنيَّةُ بهذه القضيَّةِ في صمتٍ، وفي إطارٍ من التَّكامُلِ حتى نجحت الجهودُ، التي شاركَ في بذلِها أكثرُ من جهة، في إنهاءِ أحد الملفَّاتِ الشَّائكةِ، وتلبيةِ مطلبٍ رئيسٍ من مطالب أُسَر السُّجناءِ السعوديين. كما حقَّقت الاتفاقيَّةُ نجاحاً إضافياً تمثَّلَ في إدراج سجينين في القائمةِ النِّهَائيَّة للسُّجَناء السُّعوديين في العراقِ ليرتفعَ عددُ المستفيدينَ من «تبادلِ المَحْكُومينَ» إلى 59 سجيناً. ومن المتوقَّعِ أن يستفيدَ من الاتفاقيَّةِ أيضاً سبعةُ سعوديِّينَ مَوقوفِينَ حالياً في سجونٍ عراقيَّةٍ في انتظارِ صُدُورِ أحكامٍ سالبَةٍ للحريَّةِ بحقِّهم؛ لكونِ الاتِّفاقِ لا يسري إلا على المَحْكُومِينَ بالعقوبَاتِ السَّالِبَةِ للحُريَّة. يمكنُ القولُ: إنَّ الدولةَ تُنجزُ حالياً عملاً كبيراً في ملفِّ مواطنيها المحكومينَ خارجَها مستفيدةً من علاقاتِها الجيِّدةِ التي عَمِلَت لعقودٍ على تنميتِها على الصَّعِيدَيْنِ السِّياسيِّ والأمنيِّ لصالحِ المواطنِ السعوديِّ. وننتظرُ من الجهاتِ المختصَّة فتحَ ملف المحكُومينَ بالإعدامِ في العراقِ، وبذل كلِّ جهدٍ لإعانتِهم، خصوصاً أنَّ ذويهم يشكُونَ من سَيْرِ المحاكماتِ، ويطلبون إعادتَها مع توفيرِ ضماناتٍ تُتِيحُ عدالةَ التَّقاضِي وحقَّ نقضِ الأحكام. لقد كان ملف المحكومين في العراق نموذجاً لما ينبغي أن يكون عليه التعاون بين أجهزة الدولة والمنظمات الخاصة، ممثلةً في مجموعات الدعم القانوني، بغرض الدفاع عن مصالح المواطنين من خلال استفادة كل طرف من جهد الآخر وتخصصه، وهي ثقافة من المهم أن تنتشر لعلاج قضايا أخرى في المجتمع سيكون دور العمل الأهلي كبيراً فيها.