صدر للزميل علي بن محمد الرباعي عن دار رياض الريس كتاب «صراع التيارات في السعودية»، وجاء الكتاب في 150 صفحة من القطع المتوسط متناولاً أبرز مظهر الصراع وأسبابه ونتائجه وفق سياق دراسة نظرية، وسيحضر الكتاب في معرض الرياض للكتاب لهذا العام. وسيقوم الزميل الرباعي بتوقيع كتابه في المعرض. ومن فضاء الكتاب كتب الرباعي (من طبيعة شعوب الأرض أن تتدافع، ومن ضرورات الحياة نشوء الصراعات لتحقيق فضاء ممكن للتعايش وأرضية صالحة للتوافق على المشتركات، ونحن السعوديين نرى نخباً في كل العالم تختلف يومياً، وربما تتعارك بحكم صدق الانتماء لبلدانها، إلا أنها تخطو دوماً للأمام، وترتقي بكل خلاف لمستوى المشروع الوطني المؤهل للدرس والفحص والتبني من الدولة متى تأكدت من صلاحيته، وبكل أسف أقول إن صراع التيارات في السعودية صراع وهمي ومختلق حول قضايا شكلية ما زلنا نداور حولها منذ نصف قرن، لم ننجح بكل ما أوتينا من مقدرات على تجاوزها، ولم نفطن إلى أن هناك مَنْ يؤجج الصراع، ويدفع المجتمع إلى أتون عراك لا طائل من ورائه سوى تلهيته ببعضه، من هنا يأتي هذا الكتاب طارحاً إشكالات أتلمسها بصفتي متابعاً يومياً للأحداث وشاهد عيان على أزمات مفتعلة يديرها السياسي من وراء الكواليس، ويقع في فخاخها النخب من المثقفين والدعاة والوعاظ من مختلف التيارات، ويظل السؤال قائماً (لمصلحة مَنْ هذا الصراع بين التيارات في السعودية؟ وما مردوده الإيجابي على البلاد والعباد)؟ لربما لم يُسلّم بعضنا بتفاوت الطبيعة البشرية في القول والقدرات ما خلق النفور من التعددية المحمودة (ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم) وإغفال وعي كل طرف بذاته وإحاطته بقدرات الآخر وإتاحة فرص التواصل والتفاعل معه من خلال أرضية مشتركة هي الوطن مع الابتعاد عن الخطابات المؤدلجة المُخوّنة أو المُحسّنة لطرحها والمُقبّحة لما سواه، ومعظم التيارات السعودية تبني خطابها على عاطفة جيّاشة غير موضوعية ولا عادلة، بعيداً عن اللغة العلمية أو الفكرية المتماهية مع ثوابت المجتمع ومتغيراته، لذا كثيراً ما تتأزم الأمور بين رموز التيارات وبين الأتباع لندخل معمعة صراعات مجانية لا تتواءم مع ما نتغياه من حضارية الحوار وسنن التدافع والبحث عن الحق عند مخالفنا وحسبي وحسبكم هنا أن نستعيد قضايانا الوطنية التي تجادلنا حولها، وسنجد أن عُشّاق الاستهلاك من مريدي وشيوخ التيارات يتهالكون في مجالدتهم بعضهم، ويُحفزون كل القوى في سبيل أن يكون تيارٌ أربى من غيره، في حين يسير المجتمع في غالبه نحو التحولات بثبات، ولم نتساءل: ماذا قدّمنا للناس من أفكار خلاّقة ارتقتْ بهم اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً؟ إن كنا منصفين سنرى أننا نمارس بالصراع خيانةً ما كوننا نتخذ المعذّبين في الأرض وقود معارك، وحطب حروب كلامية مُتجددة تُجذّر التخلف وتراكم إحباط المسكونين بهمّ معاشهم، وبعيداً عن سوء الظن لا يُمكنني فهم الدين على أنه مؤسس عداء أو خالق أزمات، فالله حينما أوجد هذا البناء المحكم هيأه لخدمة الإنسان، وأقامه على درجة من المرونة الكافلة لخليفته في الأرض أداء دوره الدنيوي والتعبدي في فضاء من التصالح والتجانس مع الإبقاء على فكرة التدافع المُحفّز للابتكار والتطور والتحضر والتوافق على الأصلح). غلاف الكتاب