علي محمد الماجد أسواقنا الشعبية تتعرض للغزو الغاشم والتهديد المتواصل من المجمعات التجارية، بحيث أصيبت تلك الأسواق بداء الأنيميا المالية، لأن المتسوقات وهن الموارد الأساسية للسوق تحولن إلى المجمعات التجارية بحكم أنها مكيفة، ومنظمة، وتحتوى على جميع العلامات التجارية ما عرّض أصحاب محلات الأسواق الشعبية إلى الخسارة، وكأن لا يكفي منافسة الأجانب الذين يرضون بربح أقل يناسب ميزانيتهم الضئيلة وعيشتهم الأضيق. لن أذهب بعيداً إلى أمريكا أو أوروبا التى لا يزالون محافظين على أسواقهم الشعبية بجانب بناء مجمعات فاخرة للمقارنة، بل سأذهب إلى دول الخليج المجاورة، التي لا تزال أسواقها الشعبية مركزاً مهماً للسياحة والتسوق، بل ويرمز إلى جوهر الدولة ككل. مَنْ منا يذهب إلى الكويت ولا يزور سوق المباركية أو قطر ويزور سوق واقف أو البحرين ويزور بوابة البحرين وأسواق دبي الشعبية رغم مجمعاتها العالمية بينما أسواقنا الشعبية في اضمحلال، وسوف اتخذ مثالاً مناطق الشرقية كشريحة من أسواق بلادنا الحبيبة، مثل: سوق القيصرية في الأحساء أو سويكت في الخبر أو شارع الحب في الدمام وسوق واقف في القطيف، وغيرها في باقي المناطق تقف خجلة أمام تلك الأسواق التي تميزت وما زالت تنمو برغم وجود مجمعات أضخم وأفخم مما لدينا في السعودية. وحتى حين أعيد بناؤها مثل سوق القيصرية ظهرت دون المستوى فلا مواقف لتنزيل البضائع، والمحلات صغيرة لا تكفي لبضائع التاجر، وآخرها أن المبني الجديد أصيب بتسرب مياه الأمطار. لا أدري كيف غفلت هيئة السياحة لدينا عن ميزة أسواقنا المحلية أو وزارة العمل عن الفرص الوظيفية لشبابنا وشاباتنا لو نجحت أسواقنا المحلية. الحلول موجودة وقابلة للتطبيق بكل سهولة ويسر، مثل بناء منطقة للألعاب للأطفال في تلك الأسواق، وبناء قهوة شعبية على الطراز القديم تقدم الشاي والقهوة والأكلات المحلية، والتركيز على التحف والمصنوعات المحلية التي لو سُلط عليها الإعلام قليلاً لوصلت إلى العالمية، مثل: صناعة الخوص (سعف النخيل) والفخار، والأهم كذلك بناء المراكب المحلية على هيئة تحفة راقية توضع في المجلس لترمز إلى حضارة البلاد، التي نسعد بوجود نحاتين سعوديين قد وصلوا إلى مستوى العالمية. وهنا لا بد أن ننوه بالخطوة الإيجابية التي قام بها مجمع الراشد بأن افتتح قسماً جديداً تراثياً اسماه بسوق القيصرية. إن أسواقنا المحلية في خطر لسيطرة كاملة للأجانب عدا محلات الذهب التي لا تزال بيد الأيدي السعودية الذين يجاهدون للبقاء. إن أسواقنا الشعبية الآن بين مطرقة ملاك المحلات والإيجارات المرتفعة التي لا تخضع إلا لقوانينهم، وسندان المتسوقين الذين عزفوا عنها ولهم العذر بعدم توافر أبسط الأمور فيها مثل مرافق صحية نظيفة وكافية، فمتى ننهي سيطرة الأجانب على الأسواق؟