التعصب ضد المرأة هو التمييز المبالغ فيه بين جنس الرجل وجنسها، وتحول التمييز إلى اتخاذ مواقف سلبية حيال النساء كجماعة وأدوارهن الاجتماعية، والسمات الشخصية التي يتعين عليهن التحلي بها كما ترى (عزة بيضون) في كتابها (الرجولة وتغير أحوال النساء). ويختلف هذا التعصب من مجتمع إلى آخر حسب ثقافته، فالمجتمع يفكر من خلال ثقافته، وهذا يعني أن التفكير سيكون من خلال منظومة مرجعية تتشكل إحداثياتها الأساسية من محددات الثقافة ومكوناتها، وفي مقدمتها الموروث الثقافي والمحيط الاجتماعي والنظرة إلى المستقبل والكون والإنسان. وتذكر عزة بيضون عن (ساندرا بم) الباحثة في علم الجندر أو النوع، أن التعصب ضد المرأة محصلة أطر اجتماعية ثلاثة: أولاً: التمركز القائم حول الرجل، ثانياً: التقاطب النوعي، ثالثاً: الأصولية البيولوجية. والتمركز القائم حول الرجل يعني أن الرجل هو المعيار الذي يتم الحكم على النساء في ضوئه. أو تبعاً لابتعادهن أو قربهن منه، أي أن الأنثى ليست سوى انحراف عن الذكر. وعلى مدى القيام بأدوارهن تجاه الرجل. والهوية الأنثوية تتأسّس على مشاعر الدونية التي لابد لها أن تقبلها وترضى بها كونها «بنتاً وليست ولداً»، وأن خصائصها أقل مقارنة بالرجل، وكأن كل الرجال بنفس الصفات. «أسوأ رجل أفضل من أفضل امرأة»، بهذا تكون المرأة انعكاساً لنفسية الرجل وإسقاطاته وتبريراته، وكما يرى (حجازي) أن المرأة لا يمكن أن تعيش في وضعية أحسن من الرجل، وكلما تعرّض الرجل لوضعيات سيئة من التسلط والقهر انعكس ذلك عليها كتنفيس لوضعية القهر التي يعيشها، وبهذا تكون مساحة الحرية التي تعيشها المرأة مرهونة بالمساحة التي يعيشها الرجل بغض النظر عن قدراتها وإمكاناتها وكفاءتها. أما التقاطب الجنسي، فيشير إلى النظر للشخصية على أساس قطبين متضادين، أو بُعدين متنافرين (الذكورة والأنوثة) فيعرف أحدهما بأنه مخالف أو ضد للآخر، وتناول الشخصية على مفهوم الأبعاد مثل الذكورة الأنوثة (الذكورة الإيجابية مقابل الأنوثة السلبية)، مع أنه ليس بالضرورة أن الاختلاف يعني التضاد أو المعاكسة، وينعكس هذا المنظور على الوعي بالهوية، فالرجل لا يدرك هويته بمفاهيم موضوعية، بل بمعيار مخالفة سلوك الأنثى أو مقارنة بسلوك الأنثى وبُعده عن القطب الآخر، ففي حالة قولنا إن الرجل قوي هذا يعني أنه أقوى من المرأة وليس أقوى من الكائنات الأخرى مثل الأرنب كما ترى (بيضون)، وإذا أظهر الرجل ضعفه فإن ذلك مؤشر لوصفه بالأنثوي. وبالعكس النزوع نحو الذكورة من قِبل المرأة، فتوصم بوصمة عيب إذا ما حاولت الدفاع عن حقوقها، وتوصف بأنها قليلة أنوثة، مما يجعلها تخضع لاستراتيجية الهيمنة من قِبل الرجل. أما الأصولية البيولوجية فتعني أن الفروق بين الرجال والنساء قائمة فقط على الفروق العضوية، وغُيّبت العوامل الاجتماعية والثقافية والتاريخية، ويستشهد المتعصبون بالفروق البيولوجية ويتجاهلون الإنجازات على المستويات المختلفة، وتبقى في حدود التقييم البيولوجي. أو بمعنى أن المرأة لا تُقيم إلا في إطار مكوناتها الجسدية.