كيف وصلت تونس ومصر إلى مرحلة الاغتيالات السياسية والتهديد بها على الرغم من أن الثورات قامت في الأساس لإتاحة مساحة المعارضة دون خوف على الحياة؟ أمس الأول لَقِيَ المعارض التونسي لحركة النهضة الإسلامية، شكري بلعيد، حتفه برصاصٍ «مجهول»، وبالأمس شددت السلطات المصرية الحراسة على المعارض الأبرز للإخوان المسلمين، محمد البرادعي، بعد أن انتشرت فتوى متطرفة تبيح للنظام «قتل معارضيه». سيقول كارهو الحكومتين التونسية والمصرية إن أنصار السلطة هم مَنْ يقفون وراء هذه الأعمال لإرهاب المعارضين وإقصاء المخالفين، وسيرد معسكر الموالاة بإلقاء التهمة على «طرف ثالث» يسعى إلى قلب الطاولة في وجه الصاعدين حديثاً للحكم. قد تتوه المسؤولية الجنائية في هذه الأحداث تأثراً بحالة الاستقطاب السياسي، لكن الثابت أن الحكومات هي المسؤولة سياسياً باعتبار أنها الجهة المناط بها حماية مواطنيها وضمان ممارستهم لحياتهم دون مخاوف عليها، وبالتالي فهي المسؤولة أيضاً عن معالجة أسباب تولد العنف، وفي مقدمتها معالجة الانفلات الأمني وقيادة السجال السياسي نحو مساحات التوافق لتجنيب المجتمعات حالة التراشق بين التيارات، التي سرعان ما تنتقل إلى الشارع فتفقد الأحزاب والجماعات السيطرة وتصبح الغلبة للأقوى. ويبدو واضحاً أن الحوار الوطني في دول الربيع العربي لم يحظَ بالقدر المطلوب من الاهتمام، ولم يحقق النتائج المطلوبة للآن نتيجة تزايد الخلافات بين المتنافسين حول أغلب تفاصيله. باختصار، نحن أمام تطور خطير قد يعصف بالعملية السياسية في دول الربيع العربي إذا دخل بها إلى منطقة العنف والعنف المضاد ما سيؤثر حتماً بالسلب على الانتقال الديمقراطي في هذه البلدان، وسيضرب جهود استقرارها بالتبعية.