قُتِلَ ضابطٌ وجندي من الجيش اللبناني بوحشية، حيث ضُرِبَ أحدهما بساطورٍ حتى الموت بعدما نفدت منه الذخيرة، ليس هذا فحسب، بل إن جثتي الشهيدين وُضِعت على سيارة «هامر عسكرية» ثم جال بهما «القتلة» في أرجاء البلدة. حصيلة الكمين كانت قتيلين وسبعة جرحى، حدث ذلك منذ يومين، لكن حتى الآن لم تهدأ جبهة بلدة عرسال البقاعية بعد، استُنفِرَت وحدات الجيش اللبناني، فنفّذت عشرات عمليات الدهم، وأوقفت نحو 11 شخصاً، لكن المعلومات تُشير إلى أن أيّاً من الموقوفين لا علاقة له بالجريمة، هذه المعطيات تجزم بها قيادات في عرسال، مشيرة إلى أن العناصر المهاجمة باتت خارج الحدود اللبنانية، في موازاة ذلك، عزّز الجيش تمركزه في محيط بلدة عرسال، وأحكم عليها الطوق من جميع الجهات. كيف وقع الكمين؟ هل استُدرج الجيش أم أنّ عناصره كانوا يلاحقون مطلوباً إرهابياً؟ تكشف المعلومات الأمنية التي حصلت «الشرق» عليها أن استخبارات الجيش اللبناني كانت تتعقب المطلوب خالد حميد، الذي تبيّن أنه وصل إلى لبنان منذ أربعة أيام. وتشير المعلومات إلى أنّ الأخير متورّط في ملف اختطاف السياح السبعة الأستونيين في البقاع في مارس 2011، علماً أنه أحد معاوني المطلوب السلفي حسين الحجيري، أحد الرؤوس المدبّرة لعملية اختطاف الأستونيين. ليس هذا فحسب، بل إن الحميد كان واحداً من الأشخاص الذين سلبوا عناصر دورية تابعة للجيش أسلحتهم منذ نحو سنة، عندما تمكّن العناصر من توقيف أحد رُسل القاعدة إلى لبنان المطلوب حمزة القرقوز. وتشير المعلومات إلى أن دورية من الجيش بلباسٍ مدني كانت تتعقب الحميد، فلحقت به أثناء توجهه إلى مسجد البلدة، لم يتمكّن العناصر من توقيفه فوراً، قاومهم شاهراً سلاحاً حربياً، وقع اشتباك مع عناصر الدورية، فأطلق أحد العسكريين النار عليه فأرداه، لم تنته المسألة هنا، حاول عناصر الدورية الانسحاب، لكن أفراداً مجهولين كمنوا لهم على مفترق البلدة، وعند خروجهم فتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة عليهم، سقط عددٌ من الجرحى، وحوصر آخرون، لتستمر الاشتباكات لأكثر من ساعة. أثناء ذلك، طلب العناصر المحاصرون مؤازَرة من القيادة لكن القوّة المؤازِرة لم تتمكن من دخول عرسال، وتفيد المعلومات أن القوّة المحاصَرة نفدت منها الذخيرة نتيجة كثافة الاشتباكات وعندها حصل ما حصل، فتمكنت العناصر المهاجمة من قتل قائد الدورية الذي كان ضابطاً برتبة نقيب، في حين سقط جنديٌ خلال الاشتباكات، أما الباقون فكانوا في عداد الجرحى. وتوالت ردود الفعل المستنكرة للحادثة حتى أدانتها جميع الأطراف السياسية، وبرز بين هذه الردود موقف قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، الذي اعتبر خلال توجيهه «أمر اليوم» أنه «مخطئ مَن يعتبر أن تعاطينا بحكمة مع الأحداث ضعف، ومخطئ مَن يفكر أن عملنا لمكافحة الإرهاب الذي يريد ضرب استقرار مجتمعنا والعيش المشترك بين أبناء وطننا قد يتوقف لأي اعتبار أو كُرمى لأي فريق، مهما كان حجمه المحلي والإقليمي». وتابع قهوجي: «نؤكد اليوم لرفيقينا وللجرحى الذين سقطوا، أن معمودية الدم لمواجهة مخطط الفتنة مستمرة، ولن نسكت أو نقبل أي مساومة سياسية على دم شهيدينا الرائد بيار بشعلاني، والمعاون إبراهيم زهرمان، ونرفض أي محاولة من أي طرف أتت للتخفيف من وطأة وبشاعة الجريمة، التي ارتكبت بحق الجيش عن سابق تصور وتصميم، وبأساليب همجية بعيدة عن معتقداتنا المسيحية والإسلامية». وكان سبعة أستونيين من هواة ركوب الدراجات الهوائية خُطِفوا في منطقة البقاع في مارس من العام قبل الماضي، ما أثار اهتماماً أمنياً وإعلامياً واسعين.