عاد الهدوء تدريجياً الى بلدة عرسال الواقعة على الحدود اللبنانية – السورية في البقاع الشمالي بعد استهداف دورية مشتركة من الاستخبارات والمكافحة في الجيش اللبناني، على خلفية مقتل أحد المطلوبين من البلدة بتهمة القيام بعمليات إرهابية، في كمين أدى الى استشهاد عسكريين أحدهما برتبة نقيب والآخر رتيب وجرح 7 عسكريين ثلاثة منهم في حال حرجة، وهذا ما أكده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ل «الحياة» وفق ما تبلغه من معلومات أولية من قيادة الجيش، على رغم ان مصادر لبنانية غير رسمية كانت تحدثت عن سقوط 4 شهداء من الجيش وإصابة أربعة بجروح بليغة أحدهم في حال حرجة بعدما كان تردد أنه فارق الحياة. وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية رسمية ان استهداف دورية الجيش المؤلفة من 11 عنصراً كانوا في سيارتي «فان» وجيب «غراند شيروكي»، حصل في أعقاب محاولة توقيف المدعو خالد أحمد حميد المعروف ب آدم شاهين والملقب ب «الكترو» الذي رفض الامتثال لأوامر الدورية ما اضطر عناصرها الى اطلاق النار على سيارة «بيك آب» كان يقودها، فأصيب بطلقات عدة ليفارق الحياة أثناء نقله من قبل عناصر الدورية الى المستشفى. وصدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه البيان الآتي: «بعد ظهر اليوم (أمس) وأثناء قيام دورية من الجيش في أطراف بلدة عرسال بملاحقة أحد المطلوبين الى العدالة بتهمة القيام بعدة عمليات إرهابية، تعرضت لكمين مسلح، حيث دارت اشتباكات بين عناصر الدورية والمسلحين أسفرت عن استشهاد ضابط برتبة نقيب (بيار مشعلاني) ورتيب (إبراهيم زهرمان)، وعن جرح عدد من العسكريين وتعرض بعض الآليات العسكرية لأضرار جسيمة، بالإضافة الى اصابة عدد من المسلحين. على أثر ذلك توجهت قوة كبيرة من الجيش الى المنطقة، وفرضت طوقاً أمنياً حولها، كما باشرت عمليات دهم واسعة بحثاً عن مطلقي النار. إن قيادة الجيش إذ تدعو أهالي البلدة الى التجاوب الكامل مع الإجراءات التي ستتخذها قوى الجيش تباعاً لتوقيف جميع مطلقي النار، تحذر بأنها لن تتهاون في التعامل مع أي محاولة لتهريب المسلحين أو إخفائهم، وسيكون مرتكبوها عرضة للملاحقة الميدانية والقانونية». وعلمت «الحياة» ان دورية من الجيش اللبناني كانت حاولت قبل أشهر توقيف حميد أثناء وجوده في ساحة عرسال، لكن تدخل الأهالي حال دون توقيفه وتمكن من الفرار، على رغم صدور مذكرات توقيف عدة بحقه بتهمة الإتجار بالسلاح وبيعه الى عناصر من المعارضة السورية، إضافة الى أن اسمه كان ورد في ملف المخطوفين الأستونيين السبعة في آذار (مارس) 2011 بسبب تقديمه مساعدات لوجستية للمدعو حسين الحجيري أحد أبرز الذين شاركوا في خطفهم. والأخير أصيب في اشتباك مع دورية تابعة لفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وتردد أنه فر في حينها الى داخل الأراضي السورية. إلا ان انتشار خبر مقتل حميد بعد العثور على جثته على الطريق المؤدية الى جرود عرسال أحدث بلبلة بين الأهالي بعدما تردد أنه قتل بحادث اطلاق النار عليه من عناصر بعضهم يرتدي لباساً مدنياً والآخر عسكرياً. وهذا ما لمح اليه رئيس البلدية علي الحجيري في تصريح له شدد فيه على أن «أحداً لم يعلمنا مسبقاً بوجود دورية للجيش في بلدتنا لتوقيف أحد المطلوبين، مع أنه في مثل هذه الحالات يبلغ رؤساء البلديات بالنية في دهم بلداتهم، وهذا ما لاحظناه في عدد من البلدات في بعلبك – الهرمل أثناء قيام القوى الأمنية بتلف المزروعات الممنوعة». وتأكد للأهالي أن الدورية - «التي لم نعلم بوجودها» – كما ذكر رئيس البلدية، سلكت وهي تغادر البلدة الطريق الجردية في اتجاه بلدة يونين مع انها مقفلة في منطقة وادي الرعيان بسبب تراكم الثلوج، وهذا ما سمح لعدد من الأهالي بأن يتعقبوها ليحصل ما حصل. وأدى الحادث الى اشاعة جو من التوتر في المنطقة، خصوصاً بعدما علم أهالي عرسال بأن الاشتباك كان مع دورية من الجيش، وقامت قوة من قوى الأمن الداخلي بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني بنقل الجرحى من الجيش الى مستشفى «يونيفرسال» في رأس بعلبك اضافة الى نقل جثماني الشهيدين النقيب والرتيب الى مدخل البلدة وسلمتهما الى قوى الجيش المتمركزة هناك، فيما شيع حميد الى مثواه الأخير. وتسارعت الاتصالات فور انتشار نبأ الاشتباك في جرود عرسال، وتشاور رئيسا الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي، فيما انصبت الجهود على اعادة الهدوء الى البلدة وباشر القضاء العسكري التحقيق لجلاء الحقيقة وتحديد هوية الذين شاركوا في نصب الكمين.