حينما تحدث كارثة وتنتج عنها خسائر بشرية ومادية كبيرة، ونرى فيها خيراً، فإن معنى هذا أن هناك خللاً في التخطيط، وفساداً في الإدارة، وقصوراً في المتابعة؛ فبعد شهرين من كارثة طالبات حائل، في الحادث الذي أودى بحياة 12 طالبة وسائقين، ضبطت شرطة حائل 293 مركبة لمتعهدي نقل الطلاب والطالبات والمعلمات مخالفة لاشتراطات السلامة، واستخدام مركبات انتهت صلاحية تشغيلها، وبعد كارثة مدرسة براعم الوطن، تحركت إدارة التربية والتعليم، وشكلت لجنة عاجلة اكتشفت عدداً من مخالفات المدارس الأهلية، وطالبت بتصحيحها أو إغلاقها، وشكلت لجنة حكومية من ثلاث جهات، هي إدارة التعليم والشرطة والدفاع المدني؛ لعمل مسح شامل للمدارس في المحافظة، وفي إحدى الجامعات كتبت إحدى كليات البنات تقريراً عن وجود تصدع وانهيار في أحد السقوف لإدارة الجامعة، وتابعت الموضوع لعدة أشهر، ولم تظفر حتى بإجابة بأن الموضوع تحت الإجراء، وفي اليوم التالي لحريق مدرسة البراعم اتصلت الإدارة بإلحاح شديد تريد الوقوف على الحالة، ولأنها أصبحت فجأة عاجلة أرادت زيارة الموقع في اللحظة نفسها، فاحتجّت إدارة الكلية بوجود الطالبات، لكن الموظف الغيور فجأة على حياة الطالبات اقترح إخلاء ذلك الجزء ليتمكن هو وفريقه من الزيارة دون الانتظار للمساء وقت خلو الطالبات؛ لسببين، أحدهما التخلص من المسؤولية بأسرع وقت ممكن، والأمر الآخر والأهم هو حتى لا تزعج الزيارة قيلولة سعادته، والأمثلة على ذلك كثيرة، لكن يظل المثال الأكثر مرارة كارثة سيول جدة، التي لاتزال قضاياها دائرة، وتتكشف عن أمور عجيبة كل فترة. هناك كوارث سلم الله منها وكوارث مازالت تضطرم تحت الرماد، وحوادث لا نعلم عنها، والدفاع المدني تلقى بعد حادثة البراعم خمسين بلاغاً من مدارس البنات، وتحرك الجهات المعنية بعد وقوع الحوادث يثير العديد من الأسئلة، منها ما كمية الخلل المختفي؟ لأن الكوارث التي تحدث بسببها أنجانا الله منها، وهل هذه اللجان ستستمر في عملها أم أنها هبة ريح؟ وماذا يترتب عليها؟ ولماذا نحن دائماً نبحث عن الحلقة الأضعف ونجعلها كبش الفداء، ونتغافل عن الأنظمة المتهالكة التي أفرزت هذه المخالفات؟ فالقضية أكبر من بنات أشعلن حريقاً، ومدارس أهلية مخالفة، وسيارات نقل غير صالحة.