سليمان بن علي النهابي حققت مكافحة المخدرات في بلادنا نجاحات متواصلة للقضاء على هذه الآفة الشريرة التي قضمت أطراف المجتمع، وأنهكت جسد الأمة، وأضاعت الكثير من شباب بلادنا الذين راحوا يلتهمون تلك المواد المخدرة بنهم وشراهة.. صعقت كثيراً كما صدم الكثيرون من عقلاء الأمة ونحن نطالع عبر وسائل إعلامنا المختلفة تلك الصور لضحايا المخدرات أولئك الذين أدمنوا تلك الآفة الخطرة وقد تقطعت أجسادهم أشلاءً نتيجة الإدمان لتلك المواد القاتلة، وأعجب من ذلك أن يشاهدهم ويشاهد حالهم أفراداً وجماعات استمرؤوا نفس الفعل، وانتهجوا ذلك السلوك، وقد أدمنوا المخدرات ولم توقظ قلوبهم دروس من كانوا قبلهم بل ساروا على نفس الطريق وأصابهم ما أصاب السابقين؛ حيث أهلكتهم المخدرات وقتلت فيهم روح الإخلاص والعطاء. دخلت آفة المخدرات علينا وعلى مجتمعنا فأصابت شبابنا، وأهلكت كبارنا، ودمرت مجتمعنا، وقتلت معالم الخير والفضيلة، وازداد الهالكون في مستنقعاتها يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام.. لقد ساءني وساء الكثيرين من عقلاء الأمة والمجتمع ما نشاهده يومياً من ضحايا ذلك الداء العضال، فهؤلاء أناس في زهرة شبابهم اغتالتهم المخدرات وأحالت شبابهم إلى مرحلة من الذبول، وخارت قواهم واضمحلت فتوتهم إلى ضعف وهوان، ولم يعد أولئك الشباب قادراً على التعايش وسط أمتهم وداخل مجتمعهم هروباً من واقعهم المظلم الذي يعيشونه. يقول لي أحدهم إنه سمع ذات يوم صراخاً في بيت جاره فخرج إلى الشارع ليستطلع الأمر فإذا الناس قد تجمهروا حول البيت، وأجهزة الأمن قد اقتحمت دار جارنا وأخرجت اثنين من الأبناء في سن الشباب، وذهبوا بهما إلى إدارة المخدرات ولما انفض الجمع سألت عن الواقعة فقيل إنهما يتعاطيان المخدرات، وأثناء التعاطي داخل المنزل حاولا فعل الفاحشة بأمهما وأختهما فلم يكن من الأم إلا أن أبلغت الأجهزة المختصة التي حضرت فوراً للمكان واستلمت الاثنين وهما في حالة يرثى لها! وما كان من الأسرة إلا الصياح والعويل على حال ابنيهم. كنت أعلم أن والدهما متوفى منذ سنوات وترك لهما مالاً وفيراً وعقارات وأملاكاً.. فهل كانت هذه الثروة يا ترى وبالاً عليهما؟ وفي ذات يوم خرجت فتاة للدراسة في الكلية وعادت محملة بعلب الأدوية ولما سألتها والدتها المسكينة ما هذه يا بنتي؟ فقالت هي بعض العلاجات يا أمي.. انتهت المحاورة ولكن المشكلة لم تنتهِ، وبعد بضعة أشهر عادت البنت من كليتها مثقلة بالتعب والإعياء ورمت بنفسها على فراشها داخل غرفتها، ولما جاءت إليها أمها وجدتها في حالة صعبة جدا من الآلام مصحوبة بهلوسة غير واضحة مما اضطر الأم المسكينة للاتصال بالإسعاف الذي نقلها للمستشفى، وهناك كانت المفاجأة الكبرى؛ حيث اكتشف الأطباء أن البنت تتعاطى المخدرات! ولكم أيها الأحبة أن تتخيلوا وقع النبأ على والديها وأسرتها المفجوعة بابنتهم.. يقول الباري -عز وجل-: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ. وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ».