نهى الإسلام عن شرب الخمر. والخمر هو كل ما خامر العقل، أي خالط العقل ولابسه وأخرجه عن طبيعته المدركة المميزة الحاكمة بحيث أصبح يخلط بين الأشياء بعضها ببعض ويرى البعيد قريباً أو القريب بعيداً، ويرى المحال معقولاً، ولا يميز بين الصواب والخطأ ولا بين النفع والضر والخير والشر ولذا حذرنا الإسلام من تناول وتعاطي الخمور لما لها من الأضرار الجسيمة على صحة وعقل الإنسان حيث يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } (سورة المائدة 90 - 91)، ونهى الله سبحانه وتعالى عن الخمر وحذر منه، كما في الحديث: (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث وهي مفتاح كل شر) هذا الوعيد والتحذير فيمن يتناول ويتعاطى الخمر فما بالك بمن يتناول ويتعاطى المخدرات وهي أشد ضرراً وفتكاً بأجهزة الجسم من الخمور لذا حرّم الإسلام تعاطي هذه السموم لخطورتها على صحة الفرد، حيث تؤثر تأثيراً مباشراً وخطيراً على الجهاز العصبي المركزي بالإضافة إلى أن لها تأثيراتها الفسيولوجية، والنفسية المدمرة على صحة الجسم حيث تسبب لمن يتعاطاها تسمماً مع مرور الزمن يؤدي إلى إصابة أجهزة الجسم بالفشل كما أن تعاطي المخدرات يحطم إرادة الفرد المتعاطي وذلك لأن تعاطي المخدرات يجعل الفرد يفقد كل القيم الدينية والأخلاقية ويتعطل عن عمله الوظيفي والتعليمي مما يقلّل إنتاجيته ونشاطه اجتماعياً وثقافياً وبالتالي يحجب عنه الثقة ويتحول بالتالي إلى شخص غير منتج وغير موثوق به وبالتالي يخسر المجتمع أحد أفراد طاقته المنتجة نتيجة لتعاطي المخدرات. كما أنه لا يخفى على الجميع الأضرار الاجتماعية المتعددة للمخدرات والتي من أهمها ما يلي: 1 - أن تعاطي المخدرات يورث الأخلاق الرديئة والخصال القبيحة، فهو يذهب بالحياء ويوقع في الكذب والنفاق وعقوق الوالدين، كما أنه يقود إلى أكبر وأبشع الجرائم كالقتل والزنا والسرقة. 2 - أن تعاطي المخدرات يؤدي إلى انهيار الأخلاق وضعف الكفاءة الانتاجية والمهنية وضعف الحماس والإرادة والكسل وسطحية التفكير وسرعة الانفعال وتقلب المزاج. 3 - أن تعاطي المخدرات يتسبّب في تفكّك الأسر وتضييع حقوق الأبناء، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يعول) رواه أبو داود وصححه الألباني. 4 - أن تعاطي المخدرات يتسبب في سوء الخاتمة والموت على المعصية والعياذ بالله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالخواتيم) متفق عليه. لذا نرجو من جميع أفراد المجتمع الوقوف صفاً واحداً في محاربة هذا الداء الخبيث الذي يعمل على تدمير مقدّرات الشعوب وانحراف الشباب عماد ومستقبل الأمة، كما أرجو من كل مهرّب ومروّج ومستخدم أن يتقي الله في نفسه وأهله ومجتمعه ويخاف عقوبة الله العاجلة فإنه يمهل ولا يهمل.