شيعت المدينةالمنورة، الأربعاء الماضي، المفكر والأديب الشاعر محمد كامل الخجا، الذي انتقل إلى رحمة الله عن عمر ناهز سبعين عاماً، وصُلي عليه في المسجد النبوي، ونقل إلى مثواه الأخير في بقيع الغرقد. وُلد الخجا في المدينةالمنورة في أوائل ستينات القرن الرابع عشر الهجري لأسرة مدنية ترجع أصولها إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما، وبدأ حياته الفكرية والأدبية في سن 12 سنة، حيث نشر إنتاجه في عدد من الصحف المحلية والعربية. وشارك في عدد من المناسبات الأدبية والفكرية والشعرية، وعمل في عدد من المواقع، من ضمنها سكرتيراً لتحرير جريدة “عكاظ” في بداية صدورها، ثم مدير التحرير في جريدة “الخليج العربي”، وسكرتيراً عاماً للصحافة في وزارة الإعلام بالرياض، ومديراً للعلاقات العامة في الوزارة. انتقل عمله إلى المدينةالمنورة حتى تقاعده في عام 1418ه، للتفرغ للبحث والدراسة وجمع وترتيب منجزاته الفكرية والأدبية والشعرية. صدر للشاعر محمد كمال الخجا عدد من المؤلفات الفكرية والأدبية، ومنها “موقعنا من الحضارة ضمن الإطار العالمي”، و”رحلة البشرية عبر الزمن”، و”أعلام في دائرة الضوء”، وغيرها من المؤلفات الأخرى المنشورة على مستوى العالم العربي. ويقول ل”الشرق” رئيس النادي الأدبي في المدينةالمنورة الدكتور عبدالله عسيلان أن الأديب والمفكر خجا علم من أعلام المدينة، وندوته الربوعية كانت تستضيف نخبة مثقفي ومفكري المدينةالمنورة، لمناقشة وطرح الموضوعات المستجدة والتاريخية، والتي تهم شرائح المجتمع كافة. وأوضح عسيلان بأن الفقيد كانت له بصمات واضحة وجلية في مسيرة الأدب السعودي، وتميز بأسلوبه الجريء الذي نال إعجاب الأدباء والمثقفين في المملكة العربية السعودية والعالم العربي، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن مسيرة الراحل مع أسرة “ديوان الوادي المبارك”، والنادي الأدبي في المدينةالمنورة، كانت متواصلة دائماً وأبداً، إلا أنها توقفت بعد وفاته، وهزت متابعيه وأصدقائه من رجال الشعر والأدب. وبين الدكتور ماجد العامري في بحث له القيمة الفكرية والأدبية للشاعر محمد كمال خجا، الذي أثرت في الجيل الماضي والحاضر، وكان ذلك في إحدى لقاءاته التي قدمها في المنتدى الفكري الذي ينعقد بعد صلاة العشاء من مساء كل يوم أربعاء في منزل الراحل في المدينةالمنورة، مضيفاً بأن ذلك المنتدى يهدف إلى زرع بذور فجر مشرق النماء لأمتنا، عن طريق نخبة من المفكرين والشعراء والمثقفين، وغيرهم من الطبقة الواعية المستنيرة، فكل منهم هو مرآة لمجتمعات أمته تنعكس عليها آمال وآلام أمته وضميرها، مؤكداً أنه كان يسعى للإسهام مع شرائح المجتمع في اجتثاث الآلام، وتجسيد الآمال في قالب الواقع والحقيقة. وأضاف ل”الشرق” عضو مجلس الشورى السابق، وأحد أدباء ومفكري المدينةالمنورة، الدكتور نايف هاشم الدعيس أن المملكة فقدت برحيل الخجا أحد علمائها الذين وضعوا أسس تاريخية شاركت في بناء مسيرة الثقافة السعودية، مبيناً بأن المملكة ولَّادة لهذه الفئة من الناس، وهو ما يجبر كسر الشعراء والمثقفين على فقيدهم. ولفت الدعيس إلى ندوات الأديب منذ السبعينيات الهجرية سميت باسم “ندوة سندباد”، وكان أشهر روادها من أبناء المدينةالمنورة الدكتور محمد كامل خطاب، رحمه الله، وسليمان الجبهان، وعبد الرزاق القين، والدكتور علي بكر جاد، وغيرهم كثير، أما من خارجها فكان حضورها أكثر من مرة لعلامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر، رحمه الله، وأستاذ الجيل الشيخ عبد الله بن خميس، والدكتور عزت النص، رحمه الله، رئيس وزراء سوريا ووزير المعارف الأسبق، وأحياناً الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ وزير المعارف السعودي السابق رحمه الله، وأحياناً الأستاذ محمد عمر توفيق وزير المواصلات، ووزير الحج والأوقاف رحمه الله، وعميد السلك الدبلوماسي الشيخ محمد موسى الرويسي سفير تونس رحمه الله، وغيرهم أيضاً. كما بين الدكتور الدعيس بأن عدداً من الأمراء شاركوا في ندوات الخجا، ومنهم الأمير عبد الرحمن بن سعود، والأمير هذلول بن عبدالعزيز، والأمير نايف بن سعود، والأمير أحمد بن سعود، والأمير الدكتور سيف الإسلام بن سعود، وكذلك الشعراء الأساتذة، فؤاد شاكر، وطاهر زمخشري، ومحمد علي السنوسي، وغيرهم.