عندما جاءت صرعة الميلاتونين Melatonin كأنما كان الناس على موعد معه، فقد انتشر.. وأقبل كل الذين وخط الشيب رؤوسهم يتدافعون لشراء كبسولاته.. فلا أحد يريد أن يقع فريسة للشيخوخة.. وهي المحطة الحتمية التي تنتظر كل فرد، هذا إذا لم ينقل على آلة حدباء قبل أوانه.. الرجال يتحسرون وهم يرون شعرهم يتساقط ونظرهم يضعف و»حيلهم لا يشيلهم» إلا من كرسي إلى كرسي، والنساء يصبن باكتئاب خرافي وهن يشاهدن في فزع كيف تزحف التجاعيد على ذلك الوجه النضر فتحفر فيه أخاديد ووديانا. والجميع يبقون في انتظار أن تحدث المعجزة ويكتشف العلم ذلك الإكسير الحياتي الرهيب الذي يعيد الشيخ إلى صباه ويزيد للعاشق ضناه. في الزمان القديم كانت الأقاويل تحكي عن مرارة الذئب مع الكافور الطيار الذي تضاف إليه الكابسنده ويتناوله الشخص على الريق.. فتجري في جسمه شرايين الحياة وينصلح حال السباكة الداخلية وتعود المياه إلى مجاريها وتتورد الخدود وتختفي التجاعيد.. ولكن مع كثرة استعمال تلك الوصفات وفشلها في إحداث المعجزة اتجه الناس إلى وصفات جديدة. والغريب في الأمر أن إخوتنا السودانيين لم يقف بهم الحال عند البحث عن وسائل تعيد شبابهم بل أخذوا في الآونة الأخيرة يبحثون عن الزئبق الأحمر بوصفه إحدى الوسائل التي تعيد للشيطان شبابه! ورشفة واحدة من الزئبق الأحمر تعيد الشيطان ألف سنة للوراء! ومقابل ذلك يتعهد الشيطان بأن يملأ لهم غرفة كاملة من الدولارات الأمريكية!