يتواجد الزئبق بثلاثة أشكال: زئبق عنصري، أملاح الزئبق اللاعضوية والزئبق العضوي، يوجد الزئبق العنصري في موازين الحرارة وأجهزة قياس الضغط ومقاييس الضغط الجوي، وفي البطاريات وبعض الأطلية المصنعة قبل عام 1991، قد يتعرض أطفال العاملين في هذه المصانع للتسمم بالزئبق الموجود على ثيابهم الملوثة، يستخدم الزئبق العنصري أيضا في بعض الوصفات الشعبية كعلاج لألم المعدة المزمن. توجد أملاح الزئبق اللاعضوية في المبيدات والمعقمات والمطهرات والأصبغة والبطاريات الجافة، والمتفجرات، وكمواد حافظة لبعض المستحضرات الدوائية. يعتبر الزئبق العضوي الموجود في الطعام، خاصة الأسماك الحاوية على ميثيل الزئبق مصدرا رئيسا للتعرض للزئبق عند عموم الناس، الصناعات التي تؤدي إلى تولد مواد حاوية على الزئبق تتضمن منتجات الكلورين والصودا الكاوية والمناجم والمصانع الكيميائية. يتحول الزئبق الموجود في البيئة إلى ميثيل الزئبق بالعضويات الموجودة في الماء والتراب، يتراكم ميثيل الزئبق الموجود في الماء بسرعة في الأسماك والكائنات البحرية الأخرى والتي يستهلكها الإنسان. يمتص 80% من بخار الزئبق العنصري المستنشق من الرئتين، وينتشر بسرعة إلى الجهاز العصبي المركزي بسبب شدة ذوبانه في الدهون. يمتص الزئبق العنصري السائل بشكل ضئيل من الجهاز الهضمي، حيث يمتص أقل من 0.01% . نصف عمر الزئبق العنصري يقدر بستين يوم ويطرح معظمه عن طريق البول. يمتص حوالي 10% من أملاح الزئبق اللاعضوية من الجهاز الهضمي وتعبر الى الدماغ بدرجة أقل مقارنة مع الزئبق العنصري، أما الأملاح الزئبقية فهي أكثر ذوبانا من الأملاح الزئبقية وتسبب سمية أكبر، يحدث التخلص منها بشكل خاص عن طريق البول مع نصف عمر يقدر بأربعين يوما. يعتبر ميتيل الزئبق الشكل الأكثر امتصاصا من مركبات الزئبق العضوية، حيث يمتص 90% منه ويمكنه ذوبانه في الدهون من الانتشار بسرعة، ويطرح حوالي 90% منه عبر الصفراء والباقي عبر البول ويقدر نصف عمره بسبعين يوما. أعراض التسمم يسبب الاستنشاق الحاد لبخار الزئبق العنصري بداية سريعة لسعال، وألم في الصدر، وحمى، وصداع، واضطرابات في النظر ، وشكاوى في الجهاز الهضمي، واعتمادا على شدة التعرض قد تكون الاصابة محددة لذاتها وقد تتطور إلى التهابات رئوية. يسبب التسمم المزمن بالزئبق اللاعضوية رجفاناً، واضطرابات في الجهاز العصبي يبدأ الرجفان في الأصابع و يزول خلال النوم، ولكنه قد يشمل فيما بعد الوجه. تتضمن الاضطرابات العصبية النفسية عدم الاستقرار العاطفي، والهذيان والصداع، وفقدان الذاكرة، والأرق. يكون الأطفال المتعرضون لمتيل الزئبق خلال الحمل الأكثر تأثرا، فيكونون ناقصي الوزن، صغيري الرأس، مع تأخر واضح في النمو، وشلل دماغي مع تشنجات. الفحوصات يبنى تشخيص التسمم بالزئبق على الموجودات السريرية المميزة ووجود سيرة مرضية تدل على التعرض وارتفاع مستويات الزئبق في الدم او البول والتي تثبت التعرض لتلك المادة السامة، تعتبر المستويات أقل من 2مكغ/ليتر في الدم و 10مكغ/ليتر في جمع بول 24ساعة طبيعية. ورغم أن مستويات الزئبق في الدم قد تعكس التعرض الحاد، فإن تلك المستويات تنقص عند عودة انتشار الزئبق في الانسجة. تعتبر مستويات الزئبق في البول أكثر فائدة في تحديد التعرض المزمن، ما عدا حالة متيل الزئبق لأن متيل الزئبق يطرح مقداراً ضئيلاً منه فقط عبر البول. لا يعتبر تحليل الشعر بحثا عن الزئبق اختبارا منطقيا لأن الشعر يعكس التعرض للزئبق خارجياً وداخلي المنشأ. المعالجة: تتضمن مبادئ معالجة التسمم بالزئبق الإزالة الفورية لمصدر التعرض. عند الاشتباه بالتشخيص لا بد من إعلام مركز ضبط السموم وتنسيق وتنظيم الرعاية بالتعاون مع الأطباء ذوي الخبرة في مجال معالجة حالات التسمم بالمعادن الثقيلة. بعد استنشاق بخار الزئبق العنصري يحتاج المرضى إلى مراقبة حذرة لوضعهم التنفسي وغازات الدم ، واشعة الصدر، وتتضمن المعالجة الداعمة إعطاء الأكسجين وتتطلب الحالات الشديدة التنفس الصناعي . لم تدرس فعالية ازالة محتويات الجهاز الهضمي من أملاح الزئبق اللاعضوية جيدا، لأن التأثيرات التقرحية لهذه المركبات تجعل تحريض الإقياء غير مستطب. تكون المعالجة للتسمم الحاد الزئبق أكثر فعالية عندما تعطى أبكر ما يمكن بعد التعرض. ويجب أن تستمر المعالجة حتى تعود مستويات الزئبق في بول 24ساعة إلى الحدود الطبيعية (أقل من 10مكغ/ليتر للزئبق) وحتى تختفي الاعراض عند المريض، أو حين يبدو بأن التأثيرات السمية الباقية غير قابلة للتراجع، تنقص فعالية المعالجة لتحرير الجسم من الزئبق في التعرض المزمن. يعتبر مركب الدي مركابتول والمسمى أيضا 3.2دي مركابتوبروبانول هو العلاج المناسب إذا لم يكن باستطاعة المريض تحمل المعالجة عن طريق الفم، وهذا ما يصادف عادة في حالات بعض المرضى وبعد ابتلاع أملاح الزئبق اللاعضوية ، يتوفر مركب ال BAL في أمبولات 3مل بتركيز 100مغ/مل محضرة للإعطاء عن طريق العضل. يطرح مركب ال BAL مع المعدن الثقيل في الصفراء والبول، وينصح عادة بفاصل خمسة أيام بين كل كورسي معالجة، تتضمن التأثيرات الجانبية لل BAL الألم في مكان الحقن وارتفاع الضغط وتسرع القلب والتعرق والغثيان والإقياء وألم البطن، مع حس حرق في البلعوم وحس ضيق في الصدر. قد يسبب ال BAL تحللا دمويا عند بعض المرضى . من الضروري الانتباه إلى أن ال BAL يعتبر مضاد استطباب لتحرير الجسم من ميتيل الزئبق لأن ال BAL يعيد نشر ميتيل الزئبق إلى الدماغ من الأنسجة الاخرى مما يسبب تفاقم المشكلة على الجهاز العصبي. أما الدي بنسلامين أو ال PCN فهو علاج آخر يعطى عبر الفم يستعمل في حالات التسمم بالزئبق وهو متوافر على شكل كبسولات عيار 125و 250والنظام العلاجي المنصوح به هو 25مغ/كغ كل ست ساعات وحتى 250مغ/الجرعة لمدة 1- 2أسبوعا، يطرح معقد PCN - المعدن الثقيل عبر البول، تتضمن التأثيرات الجانبية طفح وفرط التحسس ونقص الكريات البيضاء ونقص الصفيحات وفقر الدم الإنحلالي.