بانتهاء الإجازات وبدايتها مرة أخرى يبدأ المسافرون الذهاب إلى ديارهم أو التنزه والسياحة في مناطق المملكة، فهناك من يستخدم الطريق الجوي في سفره حتى يتحاشى الخدمات السيئة الموجودة على الطرق البرية، وهناك من يستخدم الطرق البرية في سفره وتنقلاته بين مدن المملكة ومحافظاتها، وشتان ما بين هذين الطريقين من العناء والخدمة المقدمة والسهولة في الوصول. وبما أننا مقبلون على إجازة منتصف العام الدراسي وخصوصاً في مثل هذه الأجواء الجميلة، فإن الأغلبية سوف تستثمر وقت الإجازة داخل الوطن، وسوف يسافر الأغلبية عبر الطرق البرية للنزهة والفرجة، ولكن السؤال هو: هل استعدت الجهات المسؤولة في حث ملاك المحطات التي على الطرق السريعة بتجهيز الاستراحات ودورات المياه وأماكن الراحة في هذه المحطات؟ أكاد أجزم أننا لو قمنا بقياس آراء المسافرين عن طريق البر عن مدى رضاهم للخدمات الموجودة في المحطات والاستراحات التي تعج بها طرق المملكة البرية فسوف تكون نتيجة تلك الآراء مخزية ومخجلة للغاية على الرغم من امتلاكنا لأكبر احتياطي بترول في العالم، وصدور أكبر وأضخم ميزانية في تاريخ المملكة في هذا العام، وكذلك القوة الاقتصادية التي تضاهي اقتصاديات الدول العظمى، حيث نستطيع أن ننشئ مئات المحطات ذات الطراز الحديث والمتطور والمريح في مختلف الطرق البرية في المملكة. وبِلادنا ولله الحمدِ تشهد تطوراً كبيراً وسريعاً في جميع المجالات وخصوصاً في مجال التوسع في الطرق البرية السريعة، وأصبحت لدينا شبكة طرق واسعة، وجعلت سفر الناس عن طريق البر ميسراً وسهلاً، ولكن للأسف الشديد الخدمات التي تُقدم على هذه الطرق رديئة جداً، وأخص بذلك النظافة في أماكن الاستراحات ودورات المياه، ورداءة المطاعم الموجودة في تلك المحطات التي تفتقر أدنى معايير النظافة والجودة في المأكل والمشرب والمجلس، والسبب أنه ما زال احترام الفرد لدينا شبه معدوم من قبل بعض المسؤولين والتجار، وما زال العقاب مغّيباً جداً للمقصرين في خدمة المواطنين. والشيء المحزن هو أنك تسافر هذه السنة أو السنة التي تليها فإنك تجد الخدمات لا تتغير ولا تتطور فتشاهد المناظر المقززة في تلك الاستراحات وخصوصاً في دورات المياه الموجودة في تلك المحطات؛ لأنه لا يوجد أحد مسؤول عن نظافة تلك الأماكن، وإنما تُركت الأوساخ (أعزكم الله) وغيرها تجتمع فيها، بحيث لا يستطيع أي إنسان الدخول فيها أو الاستفادة منها، ومما لا شك فيه أن المواطن يتحمل جزءاً من التقصير في المحافظة على نظافة الأماكن العامة في تلك المحطات بعد استخدامها مما أرغم ذلك كثيرين من استخدام أماكن أخرى لقضاء حاجاتهم. ولكن السؤال هو: من المسؤول عن هذا التقصير؟ يبدو أن المسؤولية مشتركة بين وزارة الشؤون البلدية والقروية وأمانات المدن ووزارة النقل؛ لأنها هي الجهات التي تسمح لهؤلاء بالبناء والتشغيل، ولكن المراقبة قد تكون ضعيفة جداً على تلك المحطات فتسوء الخدمات التي تُقدم للمسافرين سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، حتى أنك إذا خرجت من أقرب مركز حدودي وخصوصاً من حدود الخليج العربي فإنك تلمس الفرق بيننا وبينهم من ناحية الخدمات التي تقدم للمسافرين على مختلف جنسياتهم. في ظني لو سافر معظم المسؤولين عبر الطرق البرية وشاهدوا المعاناة التي نشاهدها، لما حدثت لنا مثل تلك الفوضى والقصور في خدمة المواطن، ولتعرفوا عن قرب على مكامن القصور والأسباب التي جعلت من تلك الاستراحات والأماكن لا تليق بنا كمجتمع متحضر. إن المصلحة تقتضي وضع مواصفات واشتراطات فنية وهندسية متقدمة للترخيص لبناء مثل هذه المرافق، وكذلك إيجاد آلية متابعة ومراقبة أعمال التشغيل والصيانة لها عبر شركات متخصصة في هذا المجال، وحري بهيئة السياحة والآثار أن تهتم بهذا الجانب كونه ركناً رئيسياً في تنمية السياحة الداخلية والحد من السفر خارجياً. ولو شاهدنا أغلب الدول سواء المجاورة لنا أو البعيدة فإنها تهتم اهتماماً مباشراً بخدمات الطرق؛ وذلك بتوفير جميع مستلزمات المسافرين سواء الغذائية أو الخدمية من فنادق مريحة، ودورات مياه نظيفة على مدار الساعة، ومصليات واسعة ومكيفة ونظيفة، فهل لديهم أنظمة تختلف عنا أم أن لديهم إمكانات اقتصادية وبشرية تفوق ما لدينا؟ الذي يختلف عنا وعنهم أن لديهم احتراماً للمواطن ويسّخرون كل شيء لراحته وخدمته. ما أريد أن أصل إليه هو أن بلادنا تستقبل ملايين الزوار من الحجاج والمعتمرين أو الذين يمرون للانتقال للدول المجاورة ومن ثم هذه المرافق تسبب حرجاً بالغاً ليس لمستخدميها فقط بل لصورة وسمعة الدولة؛ لأن تلك الخدمات من المعايير الخدمية التي تعتمد عليها دول العالم في تقويم مستوى المرافق العامة للرقي والتقدم للدول. وختاماً فإن أغلب محطات الطرق السريعة في بلادنا بحاجة إلى تدخل سريع من الدولة لتحسين خدماتها ونظافتها حتى لو تمت الاستعانة بالشركات العالمية التي لها خبرة طويلة في هذا المجال؛ لأن أغلب المواطنين والمقيمين والزوار أصبحوا يستخدمون الطرق البرية في سفرهم، وهم بحاجة إلى مثل هذه الخدمات طوال فترة سفرهم وعودتهم، لذلك فإن الاهتمام براحة المسافرين من الواجبات الضرورية التي تجعلنا نحرص على توفير أحسن الخدمات لهم ولغيرهم.