مهما اختلفتَ مع «محمد حسنين هيكل» في قراءته للمشهد الثقافي الاجتماعي السياسي المعاصر، فلابد أن تحترمه بوصفه قامة إعلامية وسياسية لا يمكن أن تمر بالتاريخ مرور الكرام ولا «الناصرية» ولا «أمن الطرق».. ماذا يفعل «ساهر» إذن؟ ولو تابعت برامجه، واطلعت على كتبه -بعيداً عن الحفر في دوافعه ونياته- فلن تحتاج إلى ذكاء متميز لتكشف كثيراً من المغالطات التي يبلغ بعضها حد سذاجةٍ لا تسنجم مع دماغٍ (قد كدا هوه)! كيف تفسر -مثلاً- نظريةً استغرق حلقة كاملة من برنامجه (مع هيكل) في قناة «الجزيرة» لشرحها تقول: «أمريكا لا تصنع التكنولوجيا ولكنها بارعة في تسويقها»! يرضيك الكلام دا يا «توماس أديسون»؟ أما ما يفضح الفهم «الهيكلي» فهو تفسيره لتاريخ «الملك عبدالعزيز»، خذ -مثلاً مثلاً يعني- قراءته لخطاب حازم وجهه «الملك عبدالعزيز» لأبنائه الكبار آنذاك: «سعود» و«فيصل» و«محمد» و«خالد» يحذرهم من صرف أي مبالغ مالية دون أمر مباشر منه شخصياً! «فشَّرَه» «هيكل» بأن «الملك» أراد بذلك أن يحابي أبناءه الصغار آنذاك وفي مقدمتهم: «فهد» و«عبدالله»! ولو كلف نفسه -كما ينبغي لباحث بحجمه- بزيارة «دارة الملك عبدالعزيز» لوجد ذلك الخطاب معروضاً في مكان بارز، وأنه صدر في سياق أبعد من هذه السذاجة بعد «هيكل» عن عمر «الولدنة»! فقد كان الملك عبدالعزيز يهيئ أبناءه لإدارة الدولة في حياته؛ بمنحهم كثيراً من صلاحياته، ولم يكن ذلك الخطاب إلا استثناءً للمال العام من تعدد الصلاحيات! ومرت الأيام، ووجد «هيكل» نفسه «معزوماً» على مائدة «الملك عبدالله» -متعه الله بالصحة والقوة- ضمن لفيف من المثقفين والإعلاميين؛ فبادر دون أن يطلب منه أحد ولا أربعاء إلى محاولة تبرير مغالطاته من باب: «بص جلالتك الناس فهمت غلط»! فما كان من «أبي متعب» إلا أن رفع عنه الحرج قائلاً: «دولةٍ تهزها الكتب ما هي بدولة»! وكأنه يردد البيت الشهير للملك فهد: «حِنَّا هَلَ العوجا ولا به مروَّات * شرب المصايب مثل شرب الفناجيل»! لا هنت «أبا متعب»، وفدتك «رقابة» تقدم بمنع الكتب -مهما كانت تافهةً- دعاية مجانية لها ولأصحابها، وتحرم الأقلام الوطنية من قراءتها وتفنيد محتوياتها!