غلاف رواية "زينب" القاهرة – رويترز تسجل طبعة جديدة من رواية “زينب” التي يراها مؤرخو الأدب، وكثير من الدارسين، العمل الأهم المؤسس للرواية قبل نحو مائة عام، أن ما ترفضه الأعراف والتقاليد في عصر ربما يكون مصدراً للتباهي والفخر في عصر آخر، وأن بعض المهن التي لا تحظى بتقدير يمكن أن تكون أكثر أهمية وإغراء في عصر تال. فالرواية التي صدرت عام 1914م، ولم يجرؤ مؤلفها الدكتور محمد حسين هيكل (1888 1956م) أن يضع اسمه عليها، حملت آنذاك توقيع “بقلم مصري فلاح”، وكان مؤلفها محامياً يخشى أن تسيء إليه، وإلى مهنته، كتابة الرواية التي كانت في تلك الفترة تعني التسلية لا العمل الفني الجاد. ويسجل هيكل في مقدمة الرواية أنه بعد نحو 15 عاماً جرؤ على كتابة اسمه الصريح على غلافها، وأنه كان يخشى أن “تجني صفة الكاتب القصصي على اسم المحامي”، حيث كتب روايته بين سويسرا وباريس التي نال منها درجة الدكتوراة في الاقتصاد السياسي عام 1912م. وصدرت طبعة جديدة من الرواية هذا الأسبوع عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة في سلسلة (كلاسيكيات)، التي تعيد طبع عيون الأدب والفكر العربي، ومنها أعمال لابن المقفع، وابن طفيل، ومصطفى لطفي المنفلوطي، وأحمد أمين. وتصدر السلسلة بتحقيق جديد يضع الأعمال في سياقها التاريخي، ويوضح موقف مؤلفها من قضايا عصره، والدور الذي أداه في تطور الحقل المعرفي، أو الإبداعي، ومكانته بين أبناء جيله، ومدى تأثير أعماله في أجيال لاحقة. وقال رئيس مجلس إدارة الدار المصرية اللبنانية، محمد رشاد، في بيان “الغرض من نشر السلسلة الجديدة أننا لاحظنا أن لغة الشباب الذين يحاولون كتابة الأدب ضعيفة، برغم أن لديهم أفكاراً جميلة، ورؤى عصرية، فحاولنا ربطهم بتراثهم القريب”، حتى لا يظنوا التراث الغربي في الأدب والفكر هو التراث الإنساني الوحيد. وصدرت الرواية بتقديم وتحقيق محمد فتحي أبو بكر، الذي قال في المقدمة إن الرواية “أول محاولة قصصية بارعة في أدبنا”، إذ سبقتها محاولات روائية في مصر والشام، ولكنها لم تكن بالنضج الفني الكافي إذا ما قورنت برواية هيكل. ويضيف أن هيكل اشتغل بالمحاماة، وألقى محاضرات في الجامعة المصرية الأهلية التي تأسست عام 1908م، حتى تولى عام 1922م رئاسة تحرير جريدة “السياسة”، لسان حال حزب الأحرار الدستوريين، وكان من أبرز كتابها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين (1889 1973م). ويسجل أن هيكل في كتاباته الفكرية رفض أن ينسب “تأخر المسلمين إلى دينهم”، ونفى عن الدين الإسلام “كل ما يوصم به من جمود، ولذلك دعا دعوة حارة إلى النهوض بالمرأة المصرية المسلمة، حتى تكون على قدم المساواة مع المرأة الغربية”. ولهيكل الذي كتب في السياسة والحياة الاجتماعية كتب أخرى منها “عشرة أيام في السودان”، و”السياسة المصرية والانقلاب الدستوري”، بالاشتراك مع إبراهيم عبدالقادر المازني، ومحمد عبدالله عنان، ونشر هذا الكتاب بعد أن صادر رئيس الوزراء إسماعيل صدقي صحيفة “السياسة” عام 1930م، وله أيضاً كتاب عنوانه “ثورة الأدب”، وفيه فصل عنوانه “الطغاة وحرية القلم”، الذي “كأنه يرد على الحرب العلنية التي شنها صدقي على كتاب الصحف”، كما قال أبو بكر في المقدمة. وتولى هيكل الوزارة في الثلاثينيات، وترأس مجلس الشيوخ في الأربعينيات، وأسهم في مجال الكتابة التاريخية بعدة كتب هي “حياة محمد”، و”في منزل الوحي”، و”الصديق أبو بكر”، و”الفاروق عمر”، و”عثمان بن عفان”. ولكن رواية “زينب” ظلت كأنها العمل الذي لم يكتب هيكل غيره على الرغم من عدم جرأته على وضع اسمه عليها “إلا في سنة 1929م… بعد أن أصبحت البيئة أكثر استعداداً نسبياً لتقبل مثل هذا العمل الجاد والاعتراف به”، كما يقول المحقق. ويسجل هيكل في مقدمة الرواية أنه تردد في إعادة طبعها “كما ترددت أول مرة”، حتى طلب المخرج المصري محمد كريم (1896 1972م) تحويلها للسينما، وهنا “لم يبق للتردد في إعادة الطبع محل، كما لم يبق سبب لمحو اسمي من الرواية، بعد أن كتبت الصحف، وعرف الناس جميعاً أنها لي”. وكتب كريم سيناريو فيلم “زينب”، الذي أنتج مرتين.. الأولى عام 1930م في فيلم صامت بطولة بهيجة حافظ، وسراج منير، وزكي رستم، والثانية عام 1952م في فليم ناطق شارك في كتابته الممثل عبدالوارث عسر، الذي شارك أيضاً في التمثيل فيه مع يحيى شاهين، وراقية إبراهيم، وفريد شوقي. وسجل كتاب “زينب الأديب هيكل على الشاشة المصرية”، الذي صدر منذ سنوات في القاهرة أن فيلم “زينب” الصامت “أول فيلم مصري يقوم على قصة مصرية”. القاهرة | رويترز