كشفت بيانات رسمية أن الضرائب التي تدفعها الشركات الكبرى في بريطانيا حاليا أقل مما كانت تدفعه قبل 12 عاما بالرغم من قفزة كبيرة في ربحيتها. وقال نشطاء مهتمون بالنظام الضريبي إن هذا الاتجاه هو أوضح علامة حتى الآن على انتشار التلاعب الضريبي في ظل استراتيجية أكثر ترحيبا بالشركات تطبقها إدارة الإيرادات والجمارك الملكية. وأظهرت بيانات الإدارة أن إجمالي ضرائب الأرباح التي دفعتها الشركات الكبرى في بريطانيا بلغ 21 مليار جنيه استرليني (34 مليار دولار) في 2011-2012، وهذا أقل بمقدار خمسة مليارات جنيه أو 21 % من حصيلة 2000-2001 حين اتخذت الحكومة التي كان يسيطر عليها حزب العمال في ذلك الوقت أولى الخطوات لتطبيق منهج أكثر تعاونا مع الشركات الكبرى. وفي نفس الفترة ارتفع الفائض التشغيلي الإجمالي لكل الشركات في بريطانيا -وهو مقياس لربحية الشركات يقوم بإعداده مكتب الإحصاءات الوطنية ويحظى بمتابعة واسعة- بنسبة 65 % إلى 329 مليار جنيه. ونما الاقتصاد 55 % في الفترة نفسها وارتفعت أيضا الإيرادات من ضرائب دخول الأفراد والشركات الصغيرة. ونفت إدارة الإيرادات والجمارك الملكية ووزارة المالية أن هذه الأرقام تظهر زيادة في التلاعب الضريبي الذي يقصد به الحيل القانونية التي تستخدمها شركات عالمية مثل جوجل وأمازون وستاربكس. وأرجعا المسألة إلى ضعف الاقتصاد في الفترة الأخيرة وانخفاض نسبة ضريبة الشركات، وظلت النسبة الرسمية لضريبة الشركات في بريطانيا 30% بين عامي 2000 و2007 وجرى خفضها تدريجيا بعد ذلك. وفي السنة الضريبية الماضية كانت النسبة 26 %. وكشفت حسابات رويترز أن انخفاض نسبة الضريبة وضعف الاقتصاد يفسران نصف الانخفاض في حصيلة الضرائب وهو ما يترك فارقا قدره نحو 2.6 مليار جنيه بين المبلغ الذي تم جمعه في 2000-2001 وحصيلة 2011-2012 بدون تفسير. من جهته، أوضح جون كريستنسن من شبكة العدالة الضريبية وهي جماعة نشطة في هذا المجال ، أن الأرقام تظهر محاولات حكومات متعاقبة لإيجاد إدارة أكثر ترحيبا بالشركات، ومن بينها سياسة لتعزيزالعلاقات بناء على الثقة المتبادلة، وهو ما شجّع الشركات على استخدام أساليب التلاعب. وقال إن هذه الأرقام تعطي صورة أكثر وضوحا مقارنة بكل الأرقام التي رأيتها قبل ذلك. وأضاف أن موظفين كبارا في إدارة الإيرادات والجمارك الملكية أبلغوه في السنوات الأخيرة أنهم قلقون بسبب انخفاض المدفوعات من الشركات الكبرى. وتعرف الإدارة الشركات الكبرى بأنها كل شركة تتجاوز أرباحها السنوية 1.5 مليون جنيه استرليني. وقال أستاذ المحاسبة في جامعة إيسيكس الذي له كتابات كثيرة عن التلاعب الضريبي بريم سيكا، إنه حتى لو تم أخذ انخفاض الضريبة في الاعتبار ستظل الأرقام متناقضة. وتساءل: كيف يوفقون بين ارتفاع الأرباح وانخفاض الضرائب؟ هذا غير ممكن… إلا إذا كانوا يقيدون هذه الأرباح في مكان آخر. وأضاف أن الشركات الخاضعة للنظام الضريبي تحول حصصا متزايدة من أرباحها في بريطانيا إلى دول أخرى تفرض ضرائب أقل. فشركة جوجل مثلا تحول أربعة مليارات دولار من قيمة مبيعاتها في بريطانيا عبر أيرلندا كل عام وينتهي المطاف بمعظم هذه الأموال في برمودا. وردت جوجل بأنها تلتزم بقانون الضرائب في كل بلد تعمل فيه لكن لديها أيضا التزاما تجاه مساهميها بإدارة عملياتها بكفاءة.