إن أجمل ما فرح به إخوة يوسف وفرج عنهم في حياكة خطتهم التآمرية ضد أخيهم الأصغر هو تجهيز أبيهم يعقوب العذر، حيث قال «… وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ». وكانت النتيجة أنهم جاءوا أَباهم عِشَاءً يبكون، «قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ»، فكان المتهم الأصلي في القضية هو الذئب، وكثيراً ما تعاطف الناس معه في قضية إخوة يوسف، وشاعت المقولة التي تستخدم دائما ضد كل اتهام ظالم «براءة الذئب من دم ابن يعقوب»، الذئب متهم أساسي وموقع اشتباه، فإن لم تثبت إدانته في دم يوسف فهو مدان في جرائم لا تعد ولا تحصى، فكثيراً ما يباغت رعاة الأغنام على حين غفلة، ولديه من المهارة في اقتناص الفرص ما يذهل أكثر الحراس يقظة وفطنة، الذئب هو الخصم اللدود لمربي المواشي وعدوهم الأول، والأكثر طلباً للعدالة بدون محاكمة، ومهدر دمه، بل إن قاتله يفتخر بفعلته فيعلقه في مكان بارز، وينشر خبره بين الناس بأن من قتل الذئب هو فلان، ومع هذه العداوة إلا أن الأعراب يكنون لخصمهم كل الاحترام والإعجاب، ومن إعجابهم بخصمهم وعدوهم الأول سمى كثير منهم أبناءهم باسمه، فهل رأيتم إنصافًا للخصم أكثر من هذا؟ ولكنى عوداً على بدء مازلت مذ كنت صغيراً أتعاطف مع صاحب الدم الأصلي الذي وضع دمه على قميص يوسف وغفل عنه المدافعون عن الحقوق!