في كتابه الجيد، يراجع الصحفي اللبناني حسام عيتاني كتاباً لمؤرخ إيراني يسرد فيه روايات المغلوبين حال الفتوحات العربية لبلاد فارس، وصف المؤرخ الإيراني القرون الأولى من تلك الفتوحات بأنها قرون الصمت، ومن دلالة الاسم نعلم أن العداء الفارسي للعرب، الذي يبدأ مع أول عربي دخل إلى أول مدينة ساسانية، ومن حادثة مقتل الأديب العربي من أصول فارسية ابن المقفع لأسباب سياسية، يتضح لنا ما حدث بالفعل. بعد قرون من هذا العداء، استقلت فارس ضد هويات الدول المتتابعة ذات الهوية السنية، التي تقع غربها، حتى بدايات نشوء الدولة العثمانية، كان العثمانيون يحكمون هضبة الأناضول، ويزحفون نحو أوروبا حتى عهد سليم الأول، الذي أطلق على نفسه لقب (أمير المؤمنين)، ولأنه أراد توسيع رقعة حكمه، أطلق حالة من العداء ضد الدولة الصفوية، بصفته الحاكم السني، وبعد عدة معارك غير مفيدة توجهت قواته الغازية نحو الشام ومصر. نأخذ كل هذا العداء القومي (الفرس/العرب)، والديني (السني/الشيعي)، ونقول إن القوميات الأوروبية، كالإنجليز والفرنسيين والألمان، بخلفياتهم الدينية (كاثوليك/بروتستانت)، وقعوا في هذا الفخ؛ فنتجت عنه حروب نابليون الشهيرة، وثورات 1848، وحرب 1877، والحربان العالميتان، حتى وصلوا جميعاً إلى أن الحل يكمن في الاعتراف بأن العداء قائم، ولكن لابد من التعايش والتقدم. نقول لمن يهمهم الأمر لتبقى معاركنا سياسية وذات إطار دبلوماسي فقط، ولكن الأمر المهم أن يتطلع كلا الشعبين إلى حياة مزدهرة ترضي قومية كل منهما وتاريخه.