كشفت مصادر أن السعودية، قد تتخذ قراراً برفع سعر الغاز الطبيعي، لخفض الدعم المكلف وتقليل الطاقة المهدرة. وقال مصدر في قطاع الصناعة، مطلع على المناقشات الحكومية لهذه المسألة «توجد خطط لرفع سعر الغاز وهذا سيتم لأن السعودية تريد القضاء على الاستهلاك غير الكفء للغاز، لأنه ينفد». وأشار المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إلى أنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن إجراء ملموس، لكن رفع السعر قد يتم بحلول نهاية 2013. وسيكون رفع السعر تحولا اقتصاديا مهما للسعودية، لكنه سيكون تحولا صعبا لأنه قد يضر بالقدرة التنافسية لصناعات مثل البتروكيماويات. وازدهرت الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في السعودية خلال العقد الماضي بفضل وجود الغاز الرخيص الذي يباع للقطاع الصناعي المحلي بسعر 0.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو ثمن زهيد جدا مقارنة بما يدفعه المنافسون في أنحاء العالم. وتم تحديد سعر الغاز السعودي، الذي لم يتغير منذ عقود، حين كان الغاز منتجا ثانويا وفيرا من حقول النفط العملاقة في المملكة. ومنذ ذلك الحين، تحجم الرياض عن رفع السعر بالرغم من ارتفاع تكاليف الإنتاج خشية أن يؤثر ذلك سلبا على الشركات التي توفر فرص عمل للسكان الذين يتزايد عددهم وكثير منهم شبان. ولكن المصادر التي يمكن إنتاج الغاز منها بتكلفة قليلة تضاءلت. ومما يزيد الطين بلة إهدار تلك الموارد. لذلك تضطر السعودية للبحث في مصادر الغاز البحرية وغير التقليدية مرتفعة التكلفة لتلبية الطلب المتزايد. وحققت الحكومة بعض النجاح في تقليل الموارد المهدرة حيث طالبت مشروعات البتروكيماويات التي تستخدم الغاز الطبيعي كمادة خام باستخدام تقنيات أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة قبل تخصيص أي كميات من الغاز لتلك المشروعات. وقد يكون رفع سعر بيع الغاز المحلي دافعا أكبر لتقليل الإهدار، وسيوفر على الحكومة مليارات الدولارات من دعم الغاز. وقال محلل النفط الكويتي المستقل كامل الهرمي إنه بعد سنوات من النقاش بين المسؤولين الحكوميين، قد يتم رفع سعر الغاز العام المقبل، لكن أي زيادة ستكون صغيرة ومحسوبة حتى لا تضر قطاع البتروكيماويات. وتبقي السعودية سعر بيع الغاز المحلي منخفضا من خلال دعم حكومي ضخم تدفعه من مئات مليارات الدولارات التي تجنيها من تصدير النفط الخام. شركات البتروكيماويات: رفع الأسعار يقلص التنافسية حذر بعض المسؤولين في شركات البتروكيماويات السعودية من أن رفع أسعار الغاز قد يقلل القدرة التنافسية في السوق العالمية. ويشيرون إلى أن المنافسين الصينيين يدفعون رواتب أقل للعاملين، بينما بدأ المنافسون من أمريكا الشمالية يستفيدون من أسعار الطاقة المنخفضة بفضل انتشار الغاز الصخري. وقال أمان أمانبور المستشار المستقل في قطاع البتروكيمايات والطاقة «أصبح القرار بشأن سعر الغاز السعودي أكثر أهمية الآن في ضوء ثورة الغاز الصخري الأمريكي». وهبط سعر الغاز للقطاع الصناعي الأمريكي من أعلى مستوياته عند 13 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 2008 إلى مستوى قياسي منخفض عند نحو ثلاثة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في أبريل 2012 وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. غير أن السعر الأمريكي ارتفع قليلا منذ ذلك الحين، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يدفع القطاع الصناعي في العام المقبل أكثر بكثير من أربعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. لذلك يمكن أن تضاعف الرياض سعر الغاز للقطاع الصناعي السعودي إلى مثليه أو ثلاثة أمثاله دون أن تقترب من المستويات التي يدفعها المنافسون الأمريكيون. وقال محمد الماضي الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) أكبر منتج للبتروكيماويات في المملكة إن تعزيز نمو البتروكيماويات في السعودية يتطلب شيئين هما الابتكار ومزيد من البحث عن غاز المستقبل.