يعتقد خبراء أن اشتراك مجموعات إسلامية في السيطرة على قاعدة عسكرية كبرى شمال سوريا هو أحدث مؤشر على تصاعد الدور الذي تلعبه المنظمات الجهادية في الحرب الهادفة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. ويقول توماس بييريه، وهو باحث من جامعة أدنبره متخصص في شؤون الفصائل الإسلامية، لصحيفة «USA TODAY» إن استمرار القتال لعدة أشهر دفع المجموعات الرئيسة المتمردة في سوريا، التي رفضت بدايةً قبول الجهاديين لأن كثيرا منهم أجانب، إلى الترحيب بهم الآن. ويضيف بيريه أن الإسلاميين الراديكاليين واضحون جدا في سوريا «فهم يقاتلون عادةً في الخط الأمامي لأنهم يبحثون عن الشهادة، ولهذا السبب تطلب منهم المجموعات الأخرى أن يكونوا رأس حربة في القتال». ورفضت الإدارة الأمريكية الدعم الرسمي للفصائل المتمردة في سوريا لأنها تقول إنه ليس معروفاً ما هي الفصائل التي يقودها معتدلون وما هي الفصائل التي تتأثر بجماعات إرهابية أصولية. وسمت الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضي جبهة النصرة الجهادية كمجموعة إرهابية، في خطوة استهدفت تحجيم الجبهة وتقليل احتمالات أن يُنظَر إليها كلاعب ذي مصداقية في مرحلة ما بعد الأسد. لكن رد فعل الجيش السوري الحر أعطى انطباعاً معاكساً، وقال العقيد عبد الجبار العقيدي، قائد الجيش الحر في ساحة المعارك بمحافظة حلب، إن جبهة النصرة لم تفعل شيئاً غير قانوني أو يستحق إدانة، وأبلغ العقيدي وكالة الأنباء الفرنسية أن الجبهة «تحارب جنباً إلى جنب معنا». ورأى العقيدي أن الولاياتالمتحدة ينبغي أن تدرج قادة النظام السوري على قوائم الإرهاب «لأنهم يذبحون المدنيين ويدمرون المساجد والمنازل»، حسب قوله. وكان الجيش السوري الحر، وهو قوة متمردة متطوعة تضم ضباطاً منشقين عن الجيش السوري النظامي، حذراً في البداية من العناصر الأجنبية لكنه رحب بهم لاحقاً. وأدى رفض الغرب تقديم دعم عسكري مباشر للمجموعات السورية المتمردة التي تحارب الأسد منذ مارس 2011 إلى قبولها الآن مساعدة من مجموعات تعمل لحساب منظمات مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل. ويقول تامر محيي الدين، المتحدث باسم الجيش الحر في منطقة حلب «قد لا نتقاسم نفس القناعات مع جبهة النصرة لكننا نحارب نفس العدو». وكانت الحكومة العراقية قالت إن جبهة النصرة هي أحد مكونات تنظيم القاعدة في العراق الذي تولى تنفيذ هجمات إرهابية في العراق. وجاء انسحاب الجيش السوري النظامي من قاعدة الشيخ سليمان العسكرية خارج حلب بعد أسابيع من القتال لعبت فيه المجموعات الراديكالية دورا قياديا، وأظهرت مقاطع الفيديو التي نشرها نشطاء معارضون للأسد على مواقع الإنترنت أعلاماً سوداء كالتي يستخدمها تنظيم القاعدة مرفوعة على أحد الأعمدة في القاعدة العسكرية. وانسحب الجيش السوري بعد إعلان مجموعات متمردة الأسبوع الماضي إسقاطها مروحية عسكرية كانت غادرت القاعدة العسكرية، ونشر النشطاء مقطع فيديو على موقع «يوتيوب» تظهر فيه المروحية وهي تهوي إلى الأرض وسط كرة من اللهب. ويؤكد بيريه أن شعبية المجموعات الجهادية في سوريا آخذة في التصاعد بسبب شجاعتهم وانضباطهم، لكنه يضيف «رغم ذلك، فإن براعتهم العسكرية لا تعكس بالضرورة وزنهم الفعلي على الأرض».