أوضح مدير إدارة الشؤون العامة الناطق الإعلامي للسجون العقيد أيوب بن نحيت، أن سجون المملكة تشهد عودة مئات السجناء ذوي السوابق القضائية، وأرجع ذلك إلى أن العائدين للسجن يعيشون في أسر متكاملة من الناحية الشكلية فقط، ولكنها تعاني من تصدع أسري، متمثل في حالات الطلاق، أو وفاة أحد الوالدين، أو غيابه المتكرر، إضافة إلى النبذ الاجتماعي الذي يمارسه المجتمع تجاه المفرج عنهم، الذي تفسره نظرة “الوصم الاجتماعي” ما يرجح عودة المفرج عنهم إلى رفقاء السوء، ومن ثم ارتكاب نفس السلوك المخالف للقانون، مؤكداً أن اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم تقوم بجهود في هذا الصدد، ولكنها تفتقر إلى الدعم المادي والمعنوي من المجتمع. وأوضح دكتور علم اجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عبدالله بن عبدالعزيز اليوسف أن 46.3 %من المجتمع يرفضون قبول المفرج عنهم كأصدقاء، و51 %يرفضون تزويج بناتهم للمفرج عنهم، مبيناً أن %56.6 من الأفراد يرفضون التعامل مع المتهمين بقضايا القتل العمد و52.7 %يرفضون التعامل مع من حكم عليهم بجرائم السرقة و%52 لا يرغبون في التعامل مع المتهمين بقضايا المسكرات. وفي زيارة قامت بها “الشرق” لإصلاحية الدمام حاورت النزيلة “ل .غ” البالغة من العمر خمسين عاماً، وتبين أنها عادت للسجن للمرة الرابعة بتهمة إتجار المخدرات، وترجع النزيلة تكرار الفعل إلى ضعف المادة لديها وأنها تعيل أسرتها ولا يوجد طريق سريع للحصول على المال إلا الإتجار بالمخدرات، حسب ما قالت. وأوضح النزيل “س .ع” أنه اعتاد على دخول السجن منذ عام 1425 حيث دخل لأول مرة في قضية قتل على إثر مشاجرة بينه وبين المقتول على مبلغ خمسين ريالاً، وتم الإفراج عنه في عام 1427 ولكنه رجع للسجن في قضايا مختلفة كالمسكر وسرقة المحلات التجارية، وأرجع النزيل سبب عودته الرئيسي إلى إدمانه للكحول إضافة إلى نظرات الكره من قبل أهله له، لأنهم قاموا ببيع المنزل لإخراجه من السجن، حسب قوله. وقال النزيل “ك .س” البالغ من العمر 24 عاماً إن هذه المرة الثالثة التي يدخل فيها السجن مؤكداً أنه من عائلة ميسورة الحال، ولكنه يعاني من فراغ كبير ولا يجد ما يشغل وقته به وبدأ طريقه مع عدد من رفاقه الذين يستغلون وضعه المادي الجيد بالتفحيط أولا ثم أصبح يسرق السيارات إلى أن وصل به الحال إلى المخدرات، وفي كل مرة يخرج يرجع لامتهان نفس الأعمال المخلة بالقانون. ويرجع الباحث الاجتماعي حماد الدوسري أسباب عودة الجانح إلى الجريمة إلى فشل الأسرة في احتواء الجانح المفرج عنه بعد خروجه، إضافة إلى عدم استعداد المفرج عنه للعودة إلى المجتمع كعضو صالح. ويرى المتخصص في علم الإصلاح والتأهيل مضواح المضواح أن التشهير بالسجين يجعله يعتقد أنه أصبح معروفاً لدى كل أفراد المجتمع، وهذا ما يخلق عنده وعياً سلبياً خاصاً بذاته ويثير لديه الخصائص الإجرامية المرتبطة بما وصم به. وأكد مدير قسم المطبوعات ومساعد الناطق الإعلامي للسجون النقيب عبدالله الحربي أنه يجب إيجاد بدائل لدور الملاحظة الاجتماعية لتتناسب مع أعمال وخطورة انحراف الأحداث، مضيفاً أنه يجب ألا يترك الحدث المفرج عنه، بل يجب أن يكون هناك رعاية لاحقة بعد خروجه من الدار.