أصبحت فلسطين دولة بصفة مراقب في الأممالمتحدة بعد عقود من نضال الشعب الفلسطيني لاسترجاع حقوقه التي سلبتها إسرائيل، وهذا ما سيمنحها كثيرا من الحقوق، ومنها الانضمام إلى عديد من المحافل الدولية، وخاصة المحكمة الجنائية الدولية التي تتخوف إسرائيل من ملاحقتها على جرائمها، ومع ذلك فصفة الدولة التي منحتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، لا تعني مطلقا أن مأساة الفلسطينيين قد انتهت، بل ما زال أمامهم كثير من الصعوبات؛ لتحقيق كيان هذه الدولة التي يجب أن تكون دولة مستقلة وذات سيادة كاملة على أراضيها، وهذا الاعتراف كان نتيجة جهود بذلتها منظمة التحرير الفلسطينية عبر خمسة عقود مليئة بالنضال والتضحيات، وثمرة جهود مرت بكافة أشكال الكفاح لأجل الوصول إلى حق تقرير المصير الذي نصت عليه المواثيق والشرائع الدولية، في مواجهة أبشع أنواع العنصرية، وأسوأ أنواع الاحتلال الذي ما زال مصرا على الاستمرار في الاستيطان والقتل ونكران حقوق الشعب الفلسطيني. لكن الأخطر من سياسات وممارسات إسرائيل الآن هو الانقسام الفلسطيني المستمر، في ظل إصرار بعض القوى الفلسطينية على الاستقواء بقوى إقليمية، والسير وفق أجنداتها بين الحين والآخر. استخدمت منظمة التحرير الفلسطينية ومنذ تأسيسها كل ما أتيح لها من أساليب كفاحية ونضالية لأجل تحقيق الحلم الفلسطيني، وإنهاء مأساة الشعب التي قارب عمرها المائة عام منذ الوعد المشؤوم لوزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور بإعطاء اليهود وطنا قوميا لهم في فلسطين. وحققت المنظمة الاعتراف تلو الآخر منذ أن أصبحت الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني قبل حوالي أربعين عاما، وحصولها على صفة الدولة أمس، يعد انتصارا لسياسة الدبلوماسية والعمل السياسي الدؤوب في مواجهة السياسة العدمية التي انتهجتها إسرائيل، وبعض القوى الفلسطينية، في الإصرار على استخدام السلاح كلغة وحيدة في مواجهة الآخر، وكان ما جرى في قطاع غزة قبل أيام دليلا على هذه العدمية التي أصر على ممارستها كلا الطرفين في مواجهة الآخر، دون جدوى سوى إزهاق مزيد من أرواح الضحايا الأبرياء. وأثبتت منظمة التحرير الفلسطينية مرة أخرى أنها قادرة على قيادة الشعب الفلسطيني، وتحقيق آماله في تقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة، وعلى قيادة منظمة التحرير الآن مسؤولية أكبر في توحيد القوى الفلسطينية، كما بات مطلوبا من كل القوى الفلسطينية أن تقف إلى جانب منظمة التحرير؛ لاستكمال تحرير فلسطين، بعيدا عن كل حسابات أنانية، وأجندات إقليمية، لا تخدم أهداف الشعب الفلسطيني، بل تزيد من آلامه وتطيل معاناته.