وعندما أقرأ أو أسمع تصريحا لمسؤول في وزارة التجارة أو الزراعة أو في شركة الكهرباء، تقفز إلى ذهني مباشرة صورة وصوت زميل دراسة قبل عدة عقود عندما سأله مدرس الأحياء: يا فلان تتبَّع لقمة. المدرس يقصد تتبع العمليات التي تحدث للقمة منذُ وضعها في الفم وحتى هضمها وإخراجها. والزميل أراد الهروب من الإجابة فقال: تخرجت من معهد المعلمين وعُيّنت معلما في مدرسة ابتدائية وأمضيت فيها أربع سنوات ثم جئت إلى هنا لإكمال دراستي مطلع هذا العام واستأجرت بيتا قريبا من هذا المركز لأتمكن من الحضور والانصراف سيرا على الأقدام وأوفر ثمن المواصلات.. انفجر المعلم والطلاب جميعا بالضحك بأصوات عالية حتى حضر طلاب الفصول المجاورة ومدير المركز أستاذنا القدير حسن نشار.. وإلى اليوم مازال الزملاء يذكرون تلك الإجابة ويعيدونها على أسماع الآخرين.. مثل هذا الزميل يفعل بعض المسؤولين فإن سئل عن أسباب ارتفاع الأسعار تحدث عن الطرق وعن الجوازات والظروف الطبيعية، وإن سئل عن كوارث الكهرباء قال إن الشركة تستخدم ما يعادل 4 ملايين برميل من الزيت يوميا. وإن سئل عن أسباب عدم قدرة الوزارة على إعادة أسعار الدجاج إلى ما كانت عليه قال: إن السماح بإعادة العمل بالنّتافات التقليدية التي تستخدم قبل منع نقل وبيع الدجاج الحي -وهي دعوة صريحة للعودة إلى ما كنا عليه- سيؤدي إلى خفض أسعار الطيور. وإن سئل عن أن 70% من الأسماك المتاحة في أسواقنا غير صالحة للاستهلاك الآدمي؟ قال: إنني أدعو المستهلكين إلى الترشيد في استخدام المياه والكهرباء لأن ذلك يؤدي إلى خدمات أفضل في الحاضر والمستقبل!