أولاً نبارك لأهل غزة انتصارهم ونشكر لهم مثابرتهم ومرابطتهم أمام هذا العدو الغاشم الآثم. لقد أثلج هذا الانتصار صدور العرب والمسلمين كافة . الأمر الآخر، بعد المتغيرات التي حدثت في المنطقة وخاصة في مصر وبعد هذا الانتصار في القطاع فإن الظروف أصبحت مواتية لطرح هذا الرأي وهو ضرورة انضمام غزة لمصر، وهذا الرأي هو الحل الأمثل – برأيي – للخلاص من اعتداءات إسرائيل على غزة وهو المُفترض أن يصير لأنه هو الأصل فقد ظلت غزة تحت حكم مصر من عام 1948م حتى عام 1967م عندما احتلت إسرائيل قطاع غزة وسيناء. وبعد الحرب استمرت مصر بالمطالبة بتحرير أراضيها المحتلة والمتمثلة بسيناء والقطاع وبقيت هذه المطالبة سنين إلى أن تنازل الرئيس السادات عن غزة في اتفاقية كامب ديفيد وترك الحمل على أهل غزة وعلى الشعب الفلسطيني ليُفاوضوا على استردادها وليحكموها ذاتيا. وهذا في الحقيقة تفريط من السادات فكيف له أن يتخلّى عن منطقة كانت في حكم مصر عقودا من الزمن. وللمعلومية هذا التفريط كان من شخص السادات ومن حاشيته فقط وإلا فإن أغلب الشعب المصري لم يرض بهذه الاتفاقية التي تعزل غزة عن مصر. فقد تفاوض عليها هو وحده ووقّع عليها دون أن يعرضها على البرلمان المصري أو يهتم برأي شعبه. إن انضمام غزة لمصر لا يعارض اتفاقيات السلام ولا المبادرة العربية بل إنه الحل الناجع لأهل غزة ليدخلوا تحت كنف وحماية مصر . كما أنه الأفضل لمصر لتتخلص من هذا التوتر والنزاع المستمر بين غزة وإسرائيل والذي يؤثر سلباً على أمنها القومي وعلى اقتصادها ويُوقعها في حرج مع العالم الخارجي الذي يُصر على أن تراقب الحدود بينها وبين غزة. أيضا انضمام غزة لمصر لن يجد معارضة لا من إسرائيل ولا من الولاياتالمتحدة ولا حتى من الأممالمتحدة، فهذا شأن غزة وأهلها في أن يقرروا مصيرهم . بل إن هذا الانضمام يتمناه الإسرائيليون أكثر ليتخلصوا من تهديد الجماعات المسلحة ويضمنوا سيادة مصر على القطاع وعدم وقوع أي اعتداءات منه. من ناحية أخرى لو نظرنا إليها من ناحية جغرافية كيف للضفة أن تتحد مع غزة بالرغم من هذا الانفصال الجغرافي، كيف لكيانين تفصلهما إسرائيل أن يُشكلا وطناً واحداً. هل نتصور أن تفتح إسرائيل في أراضيها طرقاً ليعبر الفلسطينيون عليها من غزة إلى الضفة، أم نتصور أن يُنفذ اقتراح وزير الدفاع باراك بحفر نفق تحت الأرض بطول 57 كيلومترا ليعبر الفلسطينيون منه، أم نتوقع أن تتم مبادلة الأراضي بحيث تتنازل السلطة عن بعض الأراضي بالضفة لإسرائيل مقابل إعطاء إسرائيل الفلسطينيين أراضي تربط بين الضفة وغزة مع أنه اقتراح لن يتحقق فلن توافق إسرائيل على أن تنقسم إلى نصفين. لذا فإن الحلم بتشكيل وطن من كيانين منفصلين جغرافياً بأكثر من ستبن كيلومترا هو حلم بعيد المنال وسعي وراء السراب . لذا أقولها مرة أخرى إن هذا الانضمام لن يؤثر سلباً على المشروع الوطني الفلسطيني ولا على تنفيذ المبادرة العربية بل بالعكس سيزيد المفاوضات قوة . فالمبادرة العربية تُطالب بالضفة وغزة والجولان. وما دام أن غزة تحررت فما بقي إلا التركيز على المطلبين المتبقيين. لقد حرر الأبطال غزة وأزالوا المستوطنات الإسرائيلية في السنوات الماضية وهاهم ينتصرون على إسرائيل ويثبتوا سيطرتهم الكاملة على القطاع . والآن أتى الدور للالتفات للضفة الغربية وتركيز الجهود على دعمها ودعم المقاومة فيها . إن التركيز على الضفة يجب أن يكون هو الأساس. إن من الخطأ أن ينشغل العرب والعالم بقضايا غزة ويهتموا ببنائها وإعادة إعمارها ويهملوا إعمار الضفة ودعمها سياسياً ومادياً. وهذا مخطط اسرائيل التي تريده دوماً بأن تصرف الأنظار دائماً إلى غزة بينما هي تُهود القدس وتزيد المستوطنات وتقتطع مزيدا من المزارع والأراضي في الضفة. أخيراً: إن مصر لن تتفرغ للإصلاح الاقتصادي وتتفرغ للتطوير وتخلُص من هذا الصداع المزمن الذي تسببه قضايا غزة المتكررة إلا بضم غزة لها. وبدلاً من أن يُدعى إلى فتح معبر رفح أن يُدعى إلى فتح الحدود كاملة وفتح المدارس والجامعات والمستشفيات والأسواق المصرية للغزيين. وبدلاً من أن يبقوا في سجن غزة تحت رحمة فك المعبر أن يعبروا بحرية إلى أرض الحرية والعدالة وأرض الثورة والكرامة.