عاد الهدوء إلى غزة بعد ثمانية أيام لم تحرم فيها الطائرات الإسرائيلية الأطفال والشيوخ والنساء والأموات في قبورهم من حمم صواريخها، وتساقطت الأمطار على ركام البيوت المدمرة وروت قبور الشهداء، واختلطت مشاهد الحزن والفرحة في عيون الفلسطينيين الذين خرجوا بمسيرات معبرين عن انتصار وصمود المقاومة، ورسموا لوحة فنية رغم حزنهم شاركت فيها كل الأطياف الفلسطينية عكست الوحدة الوطنية. ويتشابه الأطفال في غزة مع باقي أطفال العالم في حمل صفة الطفولة، لكنهم يختلفون في طريقة الموت، فهم يُقتَلون قصفاً بالطائرات الإسرائيلية لمجرد أنهم يلعبون أمام منازلهم في القطاع. البراءة نالت النصيب الأكبر من الموت كما يخبرنا الناطق باسم وزارة الصحة في غزة، الدكتور أشرف القدرة، ف41 طفلاً قُتِلُوا منذ بدء العدوان الأربعاء قبل الماضي فيما أصيب 438 بجروح ما بين المتوسطة والخطيرة بينما بلغت حصيلة الشهداء 162 شهيداً، 1260 مصاباً، لتغدوا أحلام أطفال غزة التي اصطحبوها معهم وهم أموات مجرد حبر على ورق كُتِبَ على صفحات اتفاقيات حقوق الطفل التي أجمع العالم على احترامها، إلا إسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون وتمارس أبشع عمليات الانتهاك بحقهم. السؤال الصعب الذي يدور في أذهان الأطفال ربما لا يمكن للعالم الإجابة عنه، لكن جرأة الطفلة نسمة جحا (12عاماً) دفعتها لتسأل بالقول «لتتخيل أن ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات يومية بحقنا كأطفال فلسطينيين يحدث لأطفالها، ماذا سوف يحدث؟ وماذا سيفعل العالم؟». وأوضحت جحا ل «الشرق» أن يوم طفولتها يختلف تماماً عن أطفال العالم فهي تجلس بجوار التليفزيون تحصي أعداد من قتلتهم إسرائيل من أقرانها الأطفال، مبيِّنةً أن الحقوق التي نصت عليها اتفاقية «حقوق الطفل» كثيرة، ولكن ما يحتاجونه في قطاع غزة بالدرجة الأولى العيش بأمان. ويصف الكاتب والناشط في مجال حقوق الإنسان، مصطفى إبراهيم، ما تقوم به إسرائيل في غزة جريمة إنسانية بحق المدينة والأطفال، ويقول إن «واقع حقوق الأطفال في القطاع مرير فالكل مستهدف، ولا تأخذ إسرائيل بعين الاعتبار أن هؤلاء أطفال آمنون ليس لهم دخل بما يجري»، مشدداً على أن إسرائيل تتعامل مع الأطفال كأنهم لا يمتلكون حقوقا، في حين تدعي أنها دولة ديمقراطية تحافظ على حقوق الإنسان. ويرى إبراهيم، في حديثه ل «الشرق»، أنه من الضروري أن تفضح مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الإعلامية جرائم إسرائيل للعالم بحق المدنيين والأطفال، داعياً الأممالمتحدة إلى إرسال بعثات تقصي حقائق للتحقيق والبحث في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الأطفال وتقديم مرتكبيها إلى العدالة.