قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    الجودة دافع الابتكار والتميز    وزير السياحة يدشن شركة رملة للرحلات السياحية والمنتجعات البرية في حائل    الطقس يهدد الولايات المتحدة    أسبوع واحد نقل الحرب في أوكرانيا إلى التصعيد    تسونامي الخليج يجتاح الهلال    ضبط مواطن في القصيم لترويجه الحشيش وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    عن الدراما المسرحية والتجاهل الأكاديمي أتحدث    الاتحاد يتصدر ممتاز الطائرة    الدانة يفقد اللقب القاري    1850 متدربا ومتدربة على المانجا في اليابان    فنانو المدينة يستعرضون أعمالهم في جولتهم بجدة    «حلاه يشدف» أحدث أغاني إبراهيم فضل بالتعاون مع محمد الخولاني    ضيوف خادم الحرمين يتجولون في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف    أرسنال يعود بطريق الانتصارات في الدوري الإنجليزي بثلاثية في فريق نونو سانتو    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    الحارثي في ذمة الله    دوري روشن: الوحدة يداوي جراحه بفوز هام على التعاون    الانسانية تحتضر    الالتزام بالمواعيد الطبية: مسؤولية مجتمعية تحفظ الصحة وتُحسن الخدمات    انترميلان يقسو على هيلاس فيرونا بخماسية في شوط    الطاقم الطبي يحدد موقف محترف الأهلي من مواجهة العين    ابن وريك يدشن معرض الأمراض المنقولة بالنواقل في مهرجان الدرب    5 مطارات تتصدر تقارير الأداء لشهر أكتوبر 2024    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    يناير المقبل.. انطلاق أعمال منتدى مستقبل العقار في الرياض    الأولى من نوعها.. اتحاد الغرف يعلن تشكيل لجنة للطاقة والبتروكيماويات    ترمب يرشح سكوت بيسنت وزيراً للخزانة    الفنان المصري وائل عوني يكشف كواليس طرده من مهرجان القاهرة السينمائي    معتمر فيتنامي: أسلمت وحقق برنامج خادم الحرمين حلمي    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    التحقيق مع مخرج مصري متهم بسرقة مجوهرات زوجة الفنان خالد يوسف    مصدر أمني يؤكد استهداف قيادي في حزب الله في الغارة الإسرائيلية على بيروت    "الجامعة العربية" اجتماع طارئ لبحث التهديدات الإسرائيلية ضد العراق    بريدة: مؤتمر "قيصر" للجراحة يبحث المستجدات في جراحة الأنف والأذن والحنجرة والحوض والتأهيل بعد البتر    ضبط 19696 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مشروع العمليات الجراحية خارج أوقات العمل بمستشفى الملك سلمان يحقق إنجازات نوعية    24 نوفمبر.. قصة نجاح إنسانية برعاية سعودية    موديز ترفع تصنيف المملكة الائتماني عند "Aa3" مع نظرة مستقبلية مستقرة    جمعية البر في جدة تنظم زيارة إلى "منشآت" لتعزيز تمكين المستفيدات    وفاة الملحن محمد رحيم عن عمر 45 عاما    مصر.. القبض على «هاكر» اخترق مؤسسات وباع بياناتها !    حائل: دراسة مشاريع سياحية نوعية بمليار ريال    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    بريطانيا: نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا دخل المملكة المتحدة    وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صديقي المترو.. جدة بانتظارك
نشر في الشرق يوم 23 - 11 - 2012

الصداقة مفهوم جميل وقيمة مجتمعية أجمل ويدركها فقط كل من لديه أصدقاء. وعلى الرغم من أن مفهوم الصداقة يصعب تحديد كمه وكيفه، فإن الأمثال العربية قد قامت بالواجب فوفّت وكفّت في توضيح بعض من فوائده القيمية فمنها مثلاً: «الصديق وقت الضيق» و«ورب أخ لك لم تلده أمك»… إلخ.
ولقد منّ الله عليّ بأصدقاء كنت ومازلت أعتز كثيراً بصداقاتهم وأتمنى لهم كل النجاح والتوفيق فهم بمنزلة الإخوة مني. كيف لا، وقد نشأنا وتعلمنا ولعبنا وتشاركنا السراء والضراء وكبرنا معاً. وأصدقائي ليسوا فقط من أبناء وطني، فلدي صداقات متنوعة: عربية وغير عربية.
أما العربية منها، فقد بدأت مبكراً مع المرحلة الابتدائية. ولقد كان لمدارس مدينة جدة الخاصة والحكومية الفضل في تعريفي بأصدقاء أفاضل لم أشعر يوماً أنهم لا ينتمون إلى وطني وبالرغم من أنهم لا يحملون جنسية بلدي. فديننا واحد وتجمعنا لغتنا العربية الشامخة ناهيك عن تقارب بل وتماثل في بعض عاداتنا وتقاليدنا.
وحينما سافرت لإتمام تعليمي العالي في الولايات المتحدة الأمريكية، تعرفت هناك على أصدقاء جدد. فهم بلا شك، يختلفون بشكل أو بآخر عن موروثي المجتمعي والديني، ولكن جمعتنا صداقة الفكر وحب الخير كل الخير للإنسانية. والحق يقال، فإن من ساعدني على تكوين معظم تلك الصداقات هو صديق عزيز ولكنه ذو نوعية خاصة من الأصدقاء فهو لا يتحدث بل ينجز ويساعد من يصادقه على الإنجاز فجدير بأن أقدمه لكم.
صديقي العزيز في أمريكا، ليس من دم ولحم بل من حديد وليس له أرجل يمشي عليها بل يمشي على قضبان. إنه القطار أو ما يطلق عليه أهل واشنطن دي سي ب«المترو». وصديقي المترو هذا الذي كنت أدفع له مبلغاً زهيداً من المال نظير تنقلاتي من مكان إلى آخر، قد فتح أمامي آفاقاً جديدة من أنواع الصداقات وعلمني كثيراً من القيم والفوائد التي سأظل مديناً له معها.
فمعظم صداقاتي بأمريكا خارج أسوار الجامعة وجيرة السكن، شاركني في تأسيسها صديقي المترو. فمع ذهابي وعودتي اليومية من وإلى الجامعة، بدأت آلف وجوه مرتادي المترو وهي بلاشك وجوه لم تكن من نفس الطبقة المجتمعية الواحدة. فهناك في مقاعد وطرقات المترو، وجدت وتعرفت على أطياف مختلفة من المجتمع الأمريكي من العامل وصولاً إلى الدكتور. وصديقي المترو قام بكسر الفوارق المجتمعية فهو من جمعنا في المشوار الواحد لنتبادل أطراف الحديث ليأخذنا إلى العادات والتقاليد والقصص والتجارب فتجدنا قد تشاركنا المعاني الإنسانية.
ومن هنا، بدأت الصداقات التي أصبح السؤال عن بعضنا بعضا أول بوادرها لتعكس فطرة إنسانية لكل من عرف طعم العلاقات الإنسانية. ويكفي هنا لأتذكر يوم انتهائي من الاختبارات الشاملة التي أهلتني لكتابة مقترح رسالة الدكتوراة، لأستطعم من جديد طعم العلاقات الإنسانية التي كانت بالطبع على مائدة صديقنا المترو.
وصديقي المترو، لم يكتف بمساعدتي على تأسيس تلك الصداقات بل ساعدني على تعلم بعض القيم التي يقفز منها إلى ذهني الآن الالتزام بالوقت. فصديقي المترو لم يتأخر عليّ يوماّ واحداً من أيام تعليمي في أمريكا، وفي حالة وجود طارئ كان يتصل بصديق آخر ليقلني للجهة التي أقصدها. فلقد استطاع صديقي أن يفرق بين المصلحة الخاصة والعامة ليقدم الأخيرة على الأولى. نعم، لقد علمني أن الحياة لا تنتظر أحداً بل نحن من يجدر بنا اللحاق بها في الوقت المناسب وإلا فإن الانتظار سيؤثر على الأجندة الحياتية لنا.
وصديقي المترو لم يعلمني بعض القيم ليسكت عن الفوائد، بل أمدني بفوائد التي من ضمنها تحويل الوقت الضائع إلى وقت منتج. فالمترو هو من ساعدني على أن أنهي قراءة بعض الكتب والمقالات الجامعية في الوقت الذي كان من المفترض أن يكون ضائعاً في حال استخدامي وسيلة مواصلة أخرى ولنقل المركبة مثلاً.
وأذكر مرة أنني قمت بحساب مقدار الوقت الذي وفره المترو لي من وقت خروجي من الجامعة لوقت وصولي إلى المنزل عوضاً عن المركبة، فوجدت أنه لا يقل عن ساعة. هذه الساعة اليومية، قد تحولت لخمس ساعات أسبوعية مما ساعدني على إنهاء قراءة بعض الكتب والمقالات بكل هدوء وتمعن. ولتقديم الشكر والعرفان لصديقي المترو، فلقد أرخت على مقدمة تلك الكتب والمقالات وقت انتهائي من قراءتها اسم المحطة ووقت وصولي إليها.
صديقي العزيز المترو، لقد افتقدتك كثيراً في جدة فليتك تأتي إليها فأنا بشوق كبير لأعرفك إلى أصدقائي وأبناء بلدي ومن يعش معنا ولنتشارك سوياً تلك القيم والفوائد التي تتعدى كونك وسيلة من وسائل المواصلات العامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.