كنا في شرخ الشباب نتحرَّق شوقاً إلى قراءة أو اقتناء كتاب في علم من العلوم أو فنٍ من الفنون بأنواعها الشعرية والأدبية والفكرية العربية والمترجمة إلى العربية , ونتبادل القراءة فيما بيننا وبين أترابنا , وفي بعض الأوقات كنا نقوم بتلخيص قراءاتنا عن كتاب ما ونقدمها لأساتذتنا ولبعضنا البعض للتشجيع والإشادة والمراجعة وتصويب مكامن الخطأ , وكم كان التنافس شديداً لإرواء نهمنا من القراءة والاطلاع لما يرد إلى أحد منا من كتب أو مجلات سواءً من مصر أو لبنان أو سورية وغيرها من البلاد العربية , إضافة إلى تتبع سير الأعلام من الشعراء والأدباء والعلماء والكتاب من داخل الوطن الذين كانوا ولا زالوا رموزاً أثرت عقولنا بالهادف والمفيد , أما اليوم وفي عصر الكمبيوتر والقنوات الفضائية وهذه التّقنية المتسارعة في عالم الاتصالات والشبكات المعلوماتية فإن الكتاب أصبح هيكلاً ورقياً مدفوناً في رموس المطابع أو في المكتبات وعليه غبار التحنيط الذي برع فيه العصر الفرعوني ليكون الكتاب في متاحف الآثار , برغم أن المطابع تقذف بأعداد مهولة من الكتب ولكن يبقى الفارق كبيراً بين قُرَّاء الأمس وقُرَّاء اليوم , فالشباب اليوم عازف عن قراءة الكتب وإن قرأ فهو يقرأ الصفحات الرياضية في الجرائد اليومية وعن أخبار الفنانين والفنّانات , والاهتمام بالجرائم والفضائح للتشفي والشماتة , أو لعب البلاي ستيشن , ولا تلقى الذي يعشق القراءة سوى المتخصصين وعشاق حرفة الفقر من النابهين العاكفين على حُبِّهم القديم للكتاب , الذين أتلقى منهم بين الفينة والأُخرى أجمل وأكرم وأعز ما تتوق إليه النفس من نفائس الكتب والأسفار القيِّمة التي جهد مؤلفوها ومعدوها في إظهارها للقارئ الذي يعرف قيمة القراءة وعلو شأن الثقافة والمثقف وهم الذين وضعوا بصماتهم العلمية والأدبية على هام الزمان والمكان ليؤرِّخوا لأسمائهم وأفكارهم تاريخاً إنسانياً يحفظ لهم مكانة في العيون والعقول والقلوب وتظل ذكراهم وإن تواروا عن الدنيا أثراً خالداً تردده أصداء المعرفة الكونية ثم ينالون حسن النوال من الذي أول ما أوحى إلى نبيِّه المصطفى صلى الله عليه وسلم قال له (اقرأ). بين يدي وعيوني وقلبي وعقلي أثمن الهدايا النافعة التي تفضل بإهدائها إليَّ منذ سنوات إلى هذا الوقت هؤلاء الكرام من صُنّاع الكلمة الهادفة والعلم الذي ينتفع به المؤمن (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) ومن هذه الإهداءات أقدم عرضاً مختصراً مشمولاً بالشكر والثناء والدعاء إلى الله بأن يُثيب المجاهدين في سبيل الله بالفكر والقلم لما أضافوه إلى المكتبة العربية لتوسيع دائرة الوعي المعرفي حتى لا يصمنا التاريخ بالأُمِّيَّة والجهل في عصر التفوق العلمي. وهذه الكتب المهداة إلىَّ:- الإهداء الأول: موسوعة (سيد المرسلين من كتاب ربِّ العالمين) للشيخ الجليل/ سمير بن جميل الراضي المكي الشافعي المطبوع على نفقة ابنه المهندس ناصر سنة 1430ه -2009م بمطبعة (فاموس) تشتمل على خمسة مجلدات كل مجلَّد تزيد صفحاته على خمسمائة صفحة , قدّم الباحث فيها مادة وفيرة في تَتَبُّعة لسيرة النبي العظيم الرحمة المهداة , وسيد الأولين والآخرين , والسراج المنير , والبشير النذير الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى. في البداية أوضح الباحث المنهج العلمي الذي أسس عليه هذه الموسوعة , وقد قسَّم الكتب الخمسة إلى أجزاء ذات تفريعات وعناوين لتسهيل الإلمام بالمواضيع وتيسير القراءة , فالكتاب الأول عنوانه (حياة خاتم الأنبياء) والكتاب الثاني (الرسالة والرسول) والكتاب الثالث (مغازي النبي صلوات الله وسلامه عليه) والكتاب الرابع (حقوق سيد المرسلين من كتاب ربِّ العالمين) والكتاب الخامس (والذين معه) , وقد أمضى الشيخ سمير خمس سنوات في الإعداد لهذه السيرة العطرة لخير خلق الله وهو يجوب المظان والمراجع والمتون يستخلص بكلِّ دقة فصول سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم , مستبعداً بعض المراجع التي لم يُجمع على تحسينها علماء الأُمة والتي يشوبها ما يشوبها من التَّزيُّد الذي يميل إلى الضَّعف في المرجعية والسند والرواة , آخذاً بسنة علماء السلف الصالح , معتمداً على الآيات المستقاة من كتاب الله العزيز مُرجعاً تفسير الآيات إلى أكثر من مُفسر , متحرِّياً الدِّقة والموضوعية , متتبعاً لأقوال الصحابة من مصادرها الموثوق بها , مبتعداً عن زخرف الكلام الذي يخرج عن موضوعية الهدف , مختصراً للعنعنات , مكتفياً بالرجوع إلى الراوي والمصدر الثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم , وهو ما يحسب له عن سائر كتب السيرة التي تشتِّت ذهنية القارئ بكثرة العنعنات التي يُستحسن فيها الرجوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي تأكد صحتها من قبل علماء السُنة الثِّقاة المشهود لهم بالخير وتحرِّي الدقة في استخراج الحديث الصحيح والحسن , والضعيف , والموضوع , فقد كان الباحث أميناً في النقل والإثبات والحذف فيما أورده من تفسير الآيات , وكان بحثه مرتبطاً بالمنهج العلمي الذي توخَّاه في هذا البحث ليرى القارئ كم هو الجهد المبذول والعناء الذي تَكلَّفه الباحث والمعد لهذا السفر القيم حتى يبلغ به درجة من كمال رسالة النبي صلى الله عليه وسلم , وفي نظري أن هذه الموسوعة من أفضل ما قرأت من كتب السِّيَر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما تحتويه من فائدة علمية في الأسلوب والمنهج ومن فائدة تاريخية , وفائدة من ناحية تفسير الآيات وموضوعيتها والمناسبات وتعريفه بالرواة والمفسرين في اختصار يترك الأثر في نفس القارئ ويعينه على فهم النصوص وتجسيد الرؤية التَّخيُّليَّة لمواقع الأماكن والأحداث وكأن الصورة حقيقة ماثلة مسترجعة للبيئة التي عاشها الرسول صلى الله عليه وسلم , جزى الله المؤلف الباحث وابنه ناصر وأهله ومن عمل معهم أفضل الجزاء وكتب لهم الأجر العميم. أقول إنه عمل لو تعلمون عظيم عن نبيً كريم ولهذا فليعمل العاملون. الإهداء الثاني: (القصيدة البكريّة) في سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه للدكتور العالم الفاضل الشيخ حسن محمد باجوده أستاذ الدراسات القرآنيّة البيانية بجامعة أُم القرى , الطبعة الأولى سنة 1431ه -2010م وهي وقف على معهد الدراسات القرآنية للبنات بمكةالمكرمة طبع في مؤسسة مكة للطباعة والإعلام , والمؤلف علم من أعلام هذه الأُمة , غنيٌّ عن التعريف فقد فتح الله على عقله وقلبه بحفظ كتاب الله العزيز قراءة وتجويداً , وهو قائم على تعليمه وتفسيره لطلبة العلم مُحكَّمٌ لحفظة كتاب الله في الهيئات والاحتفالات الوطنية والعالمية , وبحوثه ومؤلفاته تهتم بالعقيدة , كما أنّه أُوتي حظاً من الشعر فقرضه ونظم حوليَّات في الصحابة وتاريخهم وفضلهم على الأمة , وهو عمل لا يبرع فيه شعرياً إلاَّ من كان مُلهماً مالكاً لناصية اللغة والبيان والبلاغة عالماً بالتاريخ متمكناً من فنون الشعر يطوِّعه لكتابة سير الصحابة الذين منهم الصّدِّيق أبو بكر الذي نذر نفسه وماله لحبِّ الله ورسوله والذي به قويَ الإسلام. لقد قدَّم الشيخ الدكتور حسن باجوده وصفاً تاريخياً لسيرة أبي بكر الصِّدِّيق نثراً ثم قدَّم سيرة الصِّدِّيق في أسلوب شعري بليغ رفيع النظرات سهل العبارة مستمداً من مراجعه الموثَّقة , ومن غير الدكتور حسن المُلم بكتاب الله وسنة نبيه الذي يستطيع أن ينظم أكثر من ألفي بيت في سيرة الصِّدِّيق ؟ الذي أعتق في سبيل الله من اضطهد من قبل المشركين في مكة , والذي حارب المرتدين , وحارب مسيلمة الكذاب وقتله , وأرسل الجيوش لفتح الشام , وحربهِ للروم , وجمع القرآن. إن القصيدة البكرية تعتبر إضافة إلى ديوان الشعر العربي لما فيها من الجدة والتاريخ والمعلومة والقدرة التي تصعب على الكثير من أرباب الفن الشعري , وهي في مضمونها تعتبر عملاً إنسانياً رفيع المستوى جديراً بالتقدير , جزى الله شيخنا الكريم أفضل ما يجازي به عباده الصالحين. الإهداء الثالث: كتاب (الشيخ عبدالعزيز بن صالح) يرحمه الله (سيرة عطرة , ومسيرة خير مباركة ) الصادر من مكتبة الراشد ناشرون عام 1427ه - 2006م أعدّه معالي الدكتور/ ناصر الصالح مدير جامعة أُم القرى سابقاً – تقدمة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية – وقد صدر الكتاب في مباحث قسَّمها الباحث إلى سبعة مباحث هي: 1- موطن الشيخ عبدالعزيز بن صالح (رحمه الله) وأسرته. 2- السيرة الذاتية الشخصية للشيخ عبدالعزيز بن صالح. 3- الأحوال الخاصة والاجتماعية لفضيلته. 4- علاقات الشيخ ومعاملاته الخاصة والعامة. 5- المآثر والحياة العملية للشيخ عبدالعزيز بن صالح. 6- مآثره العلمية , ومواقفه الدعويّة والإنسانية. 7- مرضه ووفاته وما قيل في رثائه. ومن منا لا يعرف الشيخ عبدالعزيز بن صالح إمام المسجد النبوي وأحد علماء الأمّة , صاحب فضل وتقى وصلاح نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً جمع من حسن الخلق أعلاه وأنقاه مقتدياً بسنة السلف الصالح الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. يقع الكتاب في خمسمائة صفحة قدم الباحث فيها مادة وفيرة عن حياة هذا العالم العلم لتتمكَّن الأجيال من معرفة أحد رموز العلم الشرعي الذي أفنى عمره في حبِّ الله ورسوله . وقد هاجر إلى مدينة الرسول من المجمعة وأقام بها مدرساً في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ويعتبر هذا الكتاب مرجعاً للباحثين والدارسين لرجل من علماء الأمُّة لازال العارفون بعلمه وفضله ذاكرين له داعين الله له بالرحمة والغفران . شكر الله لمعالي الدكتور ناصر الصالح قيامه بهذا البحث القيم وهذا الجهد المضني الذي يُخلِّد أثراً لعلم من الأعلام وهو عمل يضاف إلى المكتبة العربية . الإهداء الرابع: كتاب ( مدى فاعلية البرامج الدينية بالقنوات التلفزيونية الفضائية بدول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق التربية الإسلامية) إعداد الدكتورة فخرية محمد خوج طبع عام 1427 ه بمطابع بهادر , يقع الكتاب في ثلاثة أجزاء كبيرة الحجم , الجزء الأول يتحدث عن ( التربية الإسلامية وأهدافها ) الجزء الثاني ( الإعلام وماهيتهُ ووسائله ) الجزء الثالث ( تحليل محتوى البرامج التلفزيونية وتحليل المحتوى الجدول ) وهو بحث مستفيض قام على منهج استقراء النموذج والاستفادة بمواد البحث الاختيارية التي أجرتها الباحثة ثم الرجوع إلى الندوات والبحوث والدراسات في الكتب وفي برامج التلفاز المنقولة وهو بحث متطور في أدائه لخلق بنية إعلامية تدعم وجهات النظر في الاهتمام بالمادة الدينية لخلق التوعية الأخلاقية في تربية النفوس وتبصيرها في أمور دينها وفق منظور ومنهج يسعى إلى ترسيخ القيم المستمدة من الكتاب والسنة , فللباحثة الشكر والتقدير والدعاء بالتوفيق . الإهداء الخامس: (معجم الخطاب القرآني في الدعاء) دراسة في الدلالة والأسلوب للدكتور مصطفى عليان الجامعة الهاشمية طبع بدار بن الجوزي بعمان في 1427ه - 2006م وهو بحث قيم في مضمونه فقد استدل الأستاذ الدكتور مصطفى بنور وبصيرة من الله باستجلاء حقيقة غير مسبوقة في تتبعه للمعجم الخطابي القرآني في الدعاء وقسَّم ذلك في أقسام ثلاثة أولاً – ألفاظ العقيدة والتوحيد (ربِّ , ربنا , اللهم) واستدل لكلِّ كلمة بدليل من القرآن يقول تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا) وقوله تعالى (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) . ثانياً (ألفاظ الخطاب والمحاورة) (قال , نادى , دعا) مُستدّلاً بالآيات في قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذَا بَلَدًا آمِنًا) وقوله تعالى (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ) وقوله تعالى (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) وقوله تعالى (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) وقوله تعالى (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) . ثالثاً (ألفاظ الطلب) (الأمر , الطلب بلفظ النهي , التمني) في قوله تعالى (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) وقوله تعالى (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) وقوله تعالى (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى? خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) وهذا العمل يعتبر فتحاً جديداً من كتاب الله العزيز فتحه الله على الدكتور مصطفى عليان يأخذ جانب الدعاء بأشكاله وصفاته وهو إضافة لعلوم القرآن التي لا تفرغ منها عقول النابهين المتبصرين في آيات القرآن الكريم , نسأل الله العلي القدير أن يفتح على أستاذنا الدكتور مصطفى ليستكمل ما وعد به باستكمال هذا البحث والله على كل شيء قدير , وله منا الشكر والتقدير. الإهداء السادس: كتاب (حركة النقد في الصحافة) دراسة وصفيّة تحليلية للناقد الأُستاذ الأديب فهد الشريف عن أطروحته التي نال بها الماجستير الطبعة الأولى سنة 1431ه -2010م النادي الأدبي الثقافي بجدة . يُلمح المؤلف في أُطروحته إلى المزج بين النقد الأدبي في الصحافة وبين النقد الإصلاحي في الدعوة إلى إيقاظ الأُمّة من سباتها وانبعاثها من كهوف العدميّة كما تصورها مغلِّباً الخطاب الرافض للتقليدية وقد وصف التقليديين بالجمود , ولا أدري أي تطور وتجديد أحدثه المتطفلون على الشعر والأدب في العصر الحاضر سوى تجارب أسلوبية مهترئة لم تؤت أُكلها بل نراها تموت على أغصانها الجرداء معلنة إفلاسها وتراجعها ثم ها نحن اليوم نعيش على تراث العصور القديمة ولازلنا نتغنى بامرئ القيس وزهير والنابغة وأبي نواس والمتنبي في الشعر , وفي النثر لا زلنا نتتلمذ على ما كتبه قس بن ساعده , وأكثم بن صيفي وعلي بن أبي طالب وجبران والرافعي ومارون عبود والعقاد وطه حسين وغيرهم من فحول الشعر والبيان ثم إن أطروحة الأخ الصديق (فهد) لا تخرج عن البحث في التراث ولا يزال الأدب والشعر الحقيقي متربعاً على أرائك العلو والسموق ينشر عبيره ليعلن أنه القديم الجديد , وبرغم ما بيني وبين أبي محمد من الصداقة إلا أنني أحبُّ أن أحفزه لخلق جو من الحوار الهادف كما أنني لا أغمطه حقه كأديب وناقد وقارئ ومثقف يغريك بدماثة الخلق وسعة الاطلاع , فله الشكر ونحن ننتظر أطروحته لنيل درجة الدكتوراه . الإهداء السابع: كتاب ( النساء رياحين ) وهو كتاب أهدانيه مقدِّم الكتاب الأستاذ الصديق الوفي حمد بن عبدالله القاضي لمعالي الدكتور / عبدالعزيز الخويطر أستاذ الأجيال , وقد قرأت لمعالي الدكتور الخويطر الكثير من المؤلفات وما هذا الكتاب المطبوع في دار القمرين للنشر والأعلام في طبعته الأولى عام 1429ه -2008م إلاَّ ثمرة من ثمار إبداعه الذي نتمنى أن لا يعقم , وأن يظل في صحة وهناء حتى نستقي من معين أدبه الجم ما يروي صدأ القلوب , وهو في هذا الكتاب يتحدث عن النساء ووصفهن بالرياحين المعطِّرة لحياتنا اللاتي لولاهن لما كان للحياة معنى ولا طعم ولا رائحة وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الدنيا كلها متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة). يستعرض المؤلف في هذا الكتاب كيف كانت المرأة في العصور السالفة لها قوة التأثير في القرارات السياسية والأخلاقية ودورها الفاعل في التقويم والتربية ومنح العطايا والجوائز شأنها شأن الرجل في عصور الخلافة الأموية والعباسية , إضافة إلى أن مادة الكتاب فيها من العبر والنصائح والوعظ ما يجعله قيمة أدبية يأنس القارئ لأُسلوبها القصصي الجميل , جاءت من خلال التراث في أسلوب بليغ تم اختيار مضامينه بعناية فائقة تشغفك على قراءته لمرات ومرات للاستفادة والمتعة النفسية والقيمة التاريخية , وإلى روح الدعابة والفكاهة التي تتداخل في محتواه ليكون أحد الإضافات الرائدة في المكتبة العربية. الإهداء الثامن: كتاب (الأهلّة) لمؤلفه الأستاذ عدنان عبدالمنعم قاضي في طبعته الثانية سنة 1431ه-2010م توزيع مؤسسة علوم القرآن ومكتبة كنوز المعرفة وهو يمثل نظرة شمولية ودراسات فلكية لخمسين عاماً مضت لأهلَّة رمضان وشوال وذي الحجة , قدّم فيه المؤلف بحثاً علمياً جاداً في ظل المتغيرات التكنولوجية التي طوَّرت أساليب الحياة المعاصرة وقنّنت أشكال وأنواع الماهيات المنظورة والمخفية عبر البحوث التطبيقية التي أكَّدت للعقل ثوابت كانت ضرباً من الخيال العلمي في يوم من الأيام وكانت تعتبر شيئاً من التّخرص غير قائم على حقيقة مادية ملموسة حتى أثبت العلم بما لا يدع مجالاً للشك كثيراً من الحقائق الماديَّة التي نتعامل معها وأصبحت تؤدي أدواراً عملية طوّعها الفكر الإنساني لخدمة البشرية ولا زال ساعياً إلى التطوير لموادها وإلى استمرار الاستكشافات العلمية الهادفة لخيرية الحياة , وقد عمد الباحث الأستاذ عدنان قاضي إلى استقصاء الآراء الفقهية الشرعية من مظانها واسند إلى مراجعها في قضية هي من الأهمية بمكان للضرورة التي يجب أن تتوافر على تضمين المواد العلمية جنباً إلى جنب مع الآراء الفقهية للمقارنة والاستدلال , وتوخِّي حقيقة تنظيم حياة المسلم في كافة أرجاء المعمورة تقوم على دراسة الأهلَّة لتحديد الشهور بدءاً وانتهاءً وتوحيدها لمعرفة دخول شهر الصوم ويوم الوقوف بعرفات بشكل دقيق وشمولي لا يُختلف عليه بعد أن كان الاعتماد على الشهود في أحوال شتّى , مما يكون عرضة للخطأ , ولكن العلم الحديث قنَّن بأدواته التقنية انضباط مواليد الأهلة بشكل دقيق , فكيف نعتمد بعد ذلك على الشهود إذا ثبت خطأ الشهود وصدقت المراصد الفلكية في تحديد مولد الهلال ؟ وكيف أننا إلى الآن لم نستطع تحديد موعد دخول شهر رمضان بشكل دقيق ومنضبط ؟ ليكون موعداً موحداً لصيام كل الأمة الإسلامية وأن هذا البحث جدير بالاهتمام والأخذ بنتائجه في هذا العصر العلمي الذي ترك آثاره حقائق منظورة للعيان. إن الباحث جزاه الله خيراً لم يدع مكاناً للشَّكِّ أو التأويل بعد أن أورد من الشواهد الفقهية والآراء الفكريّة والاستدلالات العلمية ما يؤكد لعلماء الأمة الاعتماد على علم الفلك من خلال تقنياته التي تؤكد الحقيقة بعيداً عن الخيال والوهم والاعتماد على أقوال متضاربة ربما ينتج منها أخطاء تمس الدقة الشرعية , وهو بحث جدير بالقراءة لما فيه من الفائدة للإسلام والمسلمين . الإهداء التاسع: كتاب (الجودة ومقاومة التغيير) للأستاذة منال محمد كريمه وهو بحث علمي استبياني قام على النموذج فيما يختص بالمستشفيات الحكومية في مكةالمكرمة هي (حراء ، النور , الملك فيصل , أجياد , الزاهر) للخمس سنوات المُنْصَرِمَة تمرحلت فيها لتشكيل ثقافة التغيير للأخذ بدواعي الجودة رغم وجود صعوبات لتحقيق التغيير , وقام البحث على عناصر محقِّقة للهدف في إطار تنظيم قام على مرجعيات نظريَّة للدراسات المتخصصة في هذا المجال من خلال الكتب والدوريات والكتيبات والمقالات المنشورة بالانترنت , كما قامت على الاستبيان بتطبيق برنامجM.R.O.P , وقد أفادت الباحثة بالرجوع إلي آراء المتخصصين في هذا العلم في مختلف بلاد العالم راصدة بداية تطبيق نظام الجودة بمنطقة مكةالمكرمة وأهدافه بشرح مختصر عن البرنامج ، ثم ألمحت الباحثة إلى مفهوم التّغيير في الحضارة الإسلامية والحضارة المعاصرة وفق المنظور العلمي والرجوع إلى التاريخ الإسلامي منذ العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين , ثم خرجت بعد الدراسة والبحث في رسالتها لنيل شهادة الماجستير بنتائج وتوصيات حققت بموجبها متطلبات البحث وتحقيق الهدف . وتكمن قيمة هذا البحث في أنه أصَّل لدواعي التّغيير الذي به يتحقَّق التَّطُّور في الأخذ بالمعايير العلمية والأخلاقية , وهو بحث لا يُستغنى عنه ليس على المستوى الخاص بالمستشفيات فقط وإنما لكلِّ أشكال التغيير المنتجة للآثار المحققة لفائدة الإنسان في كلِّ زمان ومكان , نشكر للباحثة هذه النظرة العلمية التي ستكون محل تقدير المتخصّصين والدارسين , فهو إضافة واعية تضاف إلى القدرات العلمية الساعية إلى التطور والتجديد الهادف للفائدة العامة. الإهداء العاشر: كتاب (ذاكرة الرّواق وحلم المطبعة) .. أصول الثقافة الحديثة في مكةالمكرمة من 1101 -1384ه -1689-1964م . للباحث الأستاذ الأديب حسين محمد بافقيه الطبعة الأولى في1430ه -2009م الناشر دار المؤلف , التوزيع كنوز المعرفة . وهو بحث مُهم في موضوعه , شيِّق في قراءته , رصين في مادته , بليغ في أسلوبه , متجدد في أدائه , متعدِّد في مصادره , مُنظَّم في منهجه , محقِّقٌ لأهدافه الرامية إلى تدوين حقبة من تاريخ الثقافة في الحجاز في ظل المتغيرات السياسية التي أشار إليها المؤلف بفحص حركة الثقافة والعلم في القرون الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر الهجرية (الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين الميلادية). منهج البحث: قام الباحث بتقسيم مواضيع بحثه إلى أربعة عشر مبحثا بعد الإهداء ، والشكر , ومكةالمكرمة كلمات من نور , ديباجة الكتاب وعناوين الأقسام البحثية هي: 1-أصل الثقافة المكيّة وفصلها مشتملة على عناوين بحثيه. 2- البحر والجدول . 3- حدث المطبعة. 4- الدستور العثماني ومولد الحجاز الحديث. 5- معنى الدولة. 6- فجر الثقافة الحديثة. 7- مدينة الفقهاء. 8- صناعة التأليف ووحدة العالم الإسلامي . 9- العصر العثماني . قافلة الشعراء. 10- سماء الشعر في مكة. 11- مولد النخبة الحديثة. 12-وأد الثقافة القديمة. 13- مكة الحديثة. 14- رسالة مكةالمكرمة. ولست هنا إلاّ مقرظاً هذا البحث القيّم الذي كَلِفَ به الباحث الأستاذ القدير حسين محمد بافقيه وجهد في استقصاء المعلومة والتاريخ والمادة والموضوع من مراجعه , وهو جهد وعناء نحُسُّهُ في هذه التراتبيَّة وهذا الكم الهائل من الأسانيد الداعمة , وكلّ ذلك يُحسب للباحث ويُعطي لهذا الكتاب أهميّة بالغة ليكون من أهم المراجع لتاريخ الحجاز , وإذا كان لي ملاحظة على البحث هو أن عينيّ لم تقعا على اسمين بارزين من رواد نهضتنا الأدبية في الحجاز وخصوصاً في مكةالمكرمة وهما الشاعر الفحل حمزة شحاتة والشاعر الكبير حسين عرب , وجواب ذلك عند الأستاذ الباحث حسين بافقية , شكر الله للباحث هذا الجهد المُضني الذي يُجسد الحبّ لهذه البلدة الطيبة وما حولها , ووفقه لرصد الحركة الثقافية والعلمية في زمننا المعاصر استكمالاً لهذا البحث الذي هو محل تقدير لكل من ألقى السمع وهو شهيد. الإهداء الحادي عشر: كتاب (هجرة الكلمات) للأستاذ الأديب شوقي بزيع طبعة دار الآداب الطبعة الأولى 2009م , وهو كتاب نثري متنوع المواضيع المتعلقة بقضايا الشعر والأدب والحياة والوجدان , والأستاذ شوقي بزيع تربطني به صداقة قديمة تمتد لأكثر من عشر سنوات , فهو من الأدباء القلائل الذين أخلصوا للشعر والأدب بكل اتجاهاته على العموم , فكأنَّه راهبٌ أو ناسكٌ في محراب الشعر والأدب , يقتنص أويقات عمره لكي يرسم بالكلمة تاريخ ابتسامة الحياة وأحزانها في صورة إبداع من سحر البيان , فهو مخلوق للفن مولود في مهده وقد رضع من ثدي الإلهام لبن الخيال الذي جسَّده صوراً بلاغيّة تتواثب كأطيار الجنة على روابي الصفاء وفتون الحقول وأزاهير الرياض , أعرفه جيداً فقد عاشرته ونحن في عروس الشرق الأوسط لبنان , نختال بين الأودية والجبال والبحر , نترشف من تلك الطبيعة سنا الجمال الإلهي الذي أبدعه الله في تلك البلاد , وكم ضمنا مجلس من مجالس الأدب والعلم كنّا فيها كالتوائم في طباعنا وأحاسيسنا وغضبنا وسماحنا . وفي هذا الكتاب يلمس القارئ عمق المضمون ونضوج الأداء وروعة الأسلوب وبكارة الفكرة . فهو ناثر أكثر منه شاعر , وشاعر أكثر منه ناثر , لا تستطيع أن تفرِّق بينه وبين فنّه ونفسه وأحاسيسه فهو يسبح بك في بحار الخيال فتعرف حينئذ أنّه البحر والبحر هو في البهجة والصفاء , وفي الغضب كأنَّه الموج الهادر الصاخب الضارب بهديره أذيال الشواطئ البديعة ليحيلها إلى ثورة عارمة من الضجيج ثم لا تلبث أن تراه وقد ألقى الصدف واللؤلؤ على الشطآن ينظمها عقوداً من الفن الرفيع , هذا هو شوقي بزيع صديقي الأنيق . الإهداء الثاني عشر: كتاب (موسوعة المرأة العربية): سارة العنقري رائدة العمل الاجتماعي والإنساني العربي للمؤلف عادل حافظ الصادر عن المركز الدولي للنشر والإعلام , يقدم الباحث في هذا المؤلف نموذجاً رفيعاً من نماذج صنَّاع العمل الإنساني في المملكة العربية السعودية , ويختار لهذا العمل البحثي الأميرة سارة العنقري وهي بحق تعتبر رائدة في العمل الخيري تجاه أُمتها منذ حياة الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز (رحمه الله) وقد كنت أتابع كغيري في الصحف ما تقوم به الأميرة سارة العنقري من أعمال الخير والبر التي كان يُشجعها ويدفعُها إليها زوجها الأمير عبدالمجيد , وقد رأيت في سموها قلباً يحُس بآلام الناس وأوجاعهم فكأنّها أخذت على نفسها عهداً بأن تشارك البائسين والفقراء والمحبطين همومهم وتبذل ما يسد حاجاتهم ويخفف من وطأة الحياة عليهم حين تولت بعض قيادات العمل الخيري في الجمعيات الخيرية , وعندما قرأت هذا المؤلف وجدت صورة متكاملة عن أعمال سموها زادتني معرفة بتسامي أعمالها الإسلامية ونظرتها إلى الحياة نظرة العارف بأن البقاء للعمل الصالح وإلى البذل والعطاء لأن (كلَّ ما فوق التراب تراب) , وهي لم تكن بدعاً عن أخلاقيات المرأة السعودية التي اكتسبت هذه الفضائل من الدين الإسلامي الذي يدعو إلى مَدِّ يَدِ العون والمساعدة لمن قعدت بهم الظروف وأحوجتهم الأقدار إلى بر المسلم بأخيه المسلم , وقد تطرق المؤلف في بحثه إلى رصد العمل الإنساني والخيري من خلال الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تفاعلت معها الأميرة سارة العنقري فكان عملها يأتي عن طبع لا عن هدف دنيوي يسعى بالمرء إلى طلب الشهرة , وإنما هي قد وظَّفت إمكانياتها ومكانتها الاجتماعية لكي تحتسب الأجر والثواب من الله ولتكون قدوة حسنة للإنسانة النابهة التي تؤثِّر في الحراك الخيري لانطلاقة المرأة السعودية في أن تكون عاملة نافعة لوطنها وأمتها , ومثلها هناك الكثيرات اللاتي يُقدِّمن عطاءات تُحسب لهن على مرِّ الزمان واكتساب الأجر والثواب , إن هذا المؤلف الذي تَتَبَّعَ سيرة الأميرة سارة العنقري هو عمل أخلاقي للعاملين فيما يعود بالنفع على أبناء هذا الوطن العزيز , مع دعائنا إلى الله أن يوفقها ومن يحتذي حذوها لنشر الخير والفضيلة والعطاء ويُجاهد في سبيل الخير والعمل به وإليه , وشكري للمؤلف على هذا البحث القيم الذي يشجع المرأة السعودية على مواصلة أعمال البرِّ في عصر متأزِّمٍ بالإشكاليات والوجائع والهموم . الإهداء الثالث عشر: بحث مقدم من الابن المهندس الصناعي بندر بن تركي باشراحيل المقدم لجامعة (M.S.A) جامعة العلوم الحديثة والآداب كلية الهندسة قسم الهندسة الصناعية البحث : تكنولوجيا التصنيع في إنتاج مشغولة معقَّدة , وقد تحصل من خلاله على درجة البكالوريوس في (الهندسة الصناعية والنُّظُم) , وهو بحث مُعْتَمَدٌ من الجامعة البريطانية بالمشاركة مع أساتذة جامعة القاهرة في مجال الهندسة الصناعية , جديد في موضوعه مكتوب باللغة الإنجليزية تلمس فيه القيمة والقدرة التي تبهج النفس بطلائع المبتكرين من أبناء الوطن , وأتوقع للمهندس بندر بن تركي باشراحيل بأمر الله أن يسلك طريقه ويكون أحد المبتكرين لما رأيته من إبداع صناعي يُبشِّر بفكر إبداعي واعد , ومستقبل عملي مشرق بإذن الله , فله مني الشكر والدعاء بالصحة والتوفيق في خدمة الوطن. الإهداء الرابع عشر: كتاب (بريدة داخل الأسوار وخارجها) الطبعة الثانية عام 1426ه - 2005م صادر عن مطبعة الحميضي للمؤلف الأستاذ / أحمد بن حسن المنصور – تقديم الدكتور حسن بن فهد الهويمل والدكتور عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح , توزيع مؤسسة الجريسي – وهو كتاب تاريخي موسوعي عن منطقة بريدة قبل انضوائها تحت الحكم السعودي وبعده , ولأنني من عشاق التاريخ والآثار وجدت في هذا الكتاب بُغيتي , وعشت معه خيالات الزمان والمكان وصور الماضي والحاضر , وكأنني بين عصر يروي قديمه لجديده كيف كانت البيئة في بريدة داخل أسوار الخوف من عوادي الزمان وصروفه . وكيف عاش الإنسان بداية عهد أرخ له المؤلف ما بين سنة 985/1564م إلى 1426/2005م . حين كان الإنسان يصنع أدواته المعيشية بنفسه لتأمين حياته وحياة أسرته , وكيف كانت الزراعة هي مادة الحياة لإقامة أود الإنسان . في طبيعة جغرافية جرداء تتخلَّلها بعض بيوت الطين وشوارع ترابيَّة وكان عدد سكانها لا يزيد عن عشرة آلاف مواطن. يعتبر هذا الكتاب الموسوعي بحق قيمة تاريخية لما احتواه من جهد إنساني قام على منهج البحث العلمي قدّمه المؤلف بعد أن قسَّمه إلى عشرين فصلاً مضافاً إليها الخاتمة والملاحق كما أثبت الباحث المراجع التي استقى منها المعلومة والحدث والرسالة والصورة المكوِّنة للاستطراد الذهني من مظانه العلمية ودوائره الاعتبارية التّوثيقية ليأتي هذا العمل البحثي بهذا الشكل وهذا الأسلوب وهذه القدرة التي ولا شك أنَّه صاحبها عناء يُحسب للباحث , وهو ما جعل لهذا المؤلف هذا القدر من القيمة التي تُعتبر مرجعاً هاماً لحقبة ما قبل تطور المدن والإنسان حتى الوقت الحاضر , لتكون المقارنة في ذهنية القارئ حاضرة بين عصر بدائي وعصر جديد أحدث نقلة حضاريَّة مشهودة في عصرنا الحاضر , فيرى الجيل الحاضر ما كان عليه جيل الآباء والأجداد من محدوديَّة الفكر وبساطة الحياة , وأساليب المعاش , وقهر الواقع الجغرافي الصعب بالعمل على تذليل الصعوبات , والتعامل مع وعورة الصحراء , وقلَّة الموارد الطبيعية , وضآلة الإمكانات , وقلَّة ذات اليد . وكيف كانت التجارة تلعب دوراً مهما بين المدائن والأمصار لتحقيق متطلبات الحياة وإرادة البقاء . أشكر للباحث هذا العمل الموسوعي الذي سيظل أحد روافد العقل الإنساني لمعرفة حقيقة التاريخ الذي تتقلب أوضاعه ومسيرته بين الأُمم للمشاركة في الحضارة الإنسانيّة. الإهداء الخامس عشر: كتاب (بناء الكعبة البيت الحرام) زادها الله تعالى تشريفاً وتكريماً رسالة في تاريخ الكعبة المشرَّفة من بداية بنائها حتى بناية الحجاج / تأليف العلاَّمة المؤرخ أحمد بن علي بن عبدالقادر المقريزي الشافعي (760-845 ه) دراسة وتحقيق الأستاذ الدكتور عبداللطيف بن عبدالله بن دهيش أُستاذ التاريخ بجامعة أُم القرى الطبعة الأولى عام 1426ه -2005م صدر عن دار البشائر الإسلامية ببيروت . وقد كان يجمعني بالأستاذ الدكتور عبداللطيف بن دهيش منذ حداثة العمر الجيرة مرتين مرة في حي المعابدة بمكة ومرة في حي العزيزية بمكةالمكرمة لذلك فالدكتور عبداللطيف لم يكن غريباً عليَّ فقد عَرفته إنساناً ودوداً خلوقاً كثير الصمت إلاَّ إذا سُئل وهو من العلماء الذين ارتفع بهم التواضع وارتقت بهم أسبابه ومن حملة مشعل التنوير الذي أورثه لهم والدهم العالم الجليل الشيخ عبدالله بن دهيش (رحمه الله) , فكانوا ذريّة بعضها من بعض في طلب العلم واقتفاء أثر أصحابه وأربابه وشيوخه , ونحن نقرؤه في تحقيقه لهذا السِّفر الذي تناول بناء الكعبة المشرَّفة تأليف العلامة المؤرخ المقريزي , وقد أمضى الدكتور عبداللطيف في تحقيقه لهذا الكتاب قرابة السنة فأخرجه إلينا ولطلبة العلم ليكون إضافة هامّة ومرجعاً مهماً لسدنة العلم والتاريخ , حيث يُلحُّ على أهم مرتكزات العقيدة الإسلامية وهي الكعبة المشرّفة , ليتمكن القارئ والدارس من معرفة بناء الكعبة منذ الأزل حيث ورد في الكتاب أن أول من قام ببناء الكعبة المعظمة هم الملائكة حين غضب الله منهم وأرادوا غفران الله لهم وعفوه عنهم وكانوا قد طافوا به سبعة أشواط استرضاءً له , وعندما رضي عنهم قال لهم (أبنوا لي في الأرض بيتاً يتعوذ به من سخطت عليه من بني آدم , ويُطاف حوله كما طفتم بعرشي , وأرضى عنهم , فبنوا له هذا البيت) ثم توالى على بناء الكعبة أبونا آدم عليه السلام , ثم شيث بن آدم , ثم نبيُّ الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام , ثم العمالقة , وجرهم , ثم قُصي بن كلاب , ثم عبدالله بن الزبير , ثم الحجاج بن يوسف الثقفي , وقد قام الأستاذ الدكتور عبداللطيف ببحثه هذا حيث تتبع الآيات القرآنية , والأحاديث النبوية والروايات التاريخية في المصادر من الكتب الخاصة بالتاريخ الإسلامي , كما قام بالتعريف بالإعلام والأماكن والبلدان المذكورة في نص المخطوط كُلَّما دعت الحاجة , وهو مؤلف قدير عن بيت عظيم من مؤلف جهبذٍ حكيم ومحقِّق بارع على العلم مقيم , نفع الله به وبأمثاله العاكفين على إحياء العلوم لئلا يُطبق عليها النسيان , أو تسكن أجداث الضَّياع والأزمان. الإهداء السادس عشر: كتاب (المجاهد عمر المختار) (في الذكري الرابعة والسبعين لاستشهاده) من إعداد الدكتور محمد حامد الحضيري أستاذ الأدب الحديث المعاصر , الطبعة الأولى عام 2008 م الناشر دار جهاد للنشر والتوزيع القاهرة , وقد أورد المؤلف نبذه عن حياة المجاهد عمر المختار الذي صمد في وجه قوى البغي والعدوان والاستعمار بليبيا لمدة عشرين سنة وكان سلاحه الإيمان الذي قام على عقيدة الإسلام فقد خاض خلال تلك الفترة من عمره معارك ضارية مع الاستعمار الإيطالي , حتى تم أسره وشنقه واحتسب نفسه وجهاده في سبيل الله وهذا الكتاب يعرض بعض آثاره وما قيل فيه وما كتب عنه (رحمه الله) نشكر للمؤلف هذا الإهداء. الإهداء السابع العشر: ديوان (ويورق الخريف) للشاعر المبدع عيسى بن علي جرابا الصادر عن مكتبة العبيكان الطبعة الأولى عام 1425ه - 2004م يحتوي الديوان على اثنتين وثلاثين قصيدة من الشعر العمودي . وشعره يتراوح بين المذهب الواقعي والرومانسي , يمتاز بقوة السبك وطلاوة الأسلوب وقوة الأداء , وهو أحد الطلائع الشابة التي أتوقع أن يكون لها مكان الصدارة الشعرية لما له من ملكة شعرية مطواعة وقدرة في التحليق بالخيال الملهم إلى الآفاق بلغة البلاغة وإلمامه الواسع بالثقافة واطلاعه على الشعر العربي عبر عصوره حتى غدا له شخصيته الشعرية المتفردة في المحافل الأدبية وهو أحد الفائزين بجائزة الشاعر عبدالله محمد باشراحيل في الشعر بجامعة المنيا بجمهورية مصر العربية. الإهداء الثامن عشر: ديوان (وشاية عطر) الصادر من دار نينوى عام 1430ه وديوان (حقائب الريح) الصادر من نفس الدار بنفس التاريخ للشاعر محمد الشدوي – الديوان الأول يحتوي على ثماني عشرة قصيدة والثاني يحتوي على ثلاث وعشرين قصيدة من الشعر العمودي وهو شاعر أخلص للشعر العمودي وله مع قصيدة النثر مطارحات وحروب في سبيل إعلاء قيمة الشعر العربي الفصيح , وهو شاعر مجيد له في الشعر سبق وقيمة ودراية , وقد فاز بجائزة الشاعر عبدالله محمد باشراحيل بجامعة المنيا , أتمنى للشاعرين التوفيق وأن يتحفانا بالجديد الرائع في مستقبل الأيام , وسوف يكون لي مع الشاعرين وقفات أخرى إن شاء الله والحمد لله رب العالمين . من شعري: يا ليتَ أنَّكَ في ثراها الأشعثُ تمضي إلى الآمالِ لا تتريّثُ وتجوبُ أنحاءَ الحياةِ ترودُها تترشفُ العلمَ الذي لا يُطْمَثُ عشْ كالطيورِ ومثل أزهارِ الربى حتى وإن صارَ الهوا يتلوَّثُ حدِّقْ إلى الأيامِ إنّ فتونها حقٌّ لكلِّ الناس ليسَ يورَّثُ ما أكرهَ السهدَ الذي يعتادها عمرٌ يضيعُ وكلُّ قلبٍ ينفثُ أنشودةٌ كانت متى يصغي لها طيفٌ رقيقٌ بالرضى تتحدثُ وعلى رياضٍ أثمرتْ أغصانُهُ تجنى غراسَ الحبِّ في ما تحرثُ وتَعَوْلمَ العصر الذي يقتادها فكأنَّه شرٌّ جديدٌ يُبعثُ ها قد تواثبتِ الرؤى مخدوعةً يا ليتها تدري الذي لا يعبثُ إن لم يكن فكراً يحلِّقُ للذرى تسمو بهِ الأيامُ وَهْي تؤثثُ والرعب يمضي عن ثرى ساحاتها تستلهمُ العهدَ الذي لا ينكثُ إنسانها المجهولُ في أحزانهِ وعَدُوُّهُ الكذَّاب دوماً يحنثُ لا يشرقُ الفكرُ الذي أسوارُهُ تعلو ويحجبُهُ السكونُ ويلبثُ لَكنَّما الوعد الذي يتأسسُ سيثيرُ عصفاً يستطيلُ ويرفثُ يوماً يعودُ الدهرُ عن طغيانهِ ما دام أنَّا بالهدى نتشبَّثُ