في يولية 1998م انتقلت إلى الشرقية في رحلة عمل اعتقدت أنها ستستغرق بضعة أشهر فاستمرت إلى يومنا هذا، كان فيها الصديق عبدالرحمن الضويحي التويجري (أبو نايف) (يرحمه الله)، الخل الوفي ورفيق الدرب وأنيس الجلسات ونديم الروح وحبيب الجميع. عندما يموت أحد أصدقائك المقربين تحس أنك فقدت أحد أطرافك، تتحسها فلا تجدها. تمرر يدك عليها المرة تلو الأخرى تشعر بأن هناك شيئاً ثميناً في حياتك سقط ولن يعود. 14 عاماً مضت كنا نجتمع سوياً على طاولة الغداء في أيام العمل مع بعض الصحاب نتناقش نتحاور نمزح نحلل نتبادل الكتب حتى بعد مرضه كان متفائلاً مبتسماً يشيع الأمل في من حوله ويرد التحايا على العابرين بروح مرحة وسن ضاحكة. في أسياب العمل الطويلة كنا نلتقي ونتبادل التحايا والنكات وتطير الضحكات والانتظار والذكريات، كم ستكون هذه الأسياب موحشة بدونك يا أبا نايف لاينطبق عليها سوى قول محمود درويش «ليلة تمضي ولا نأخذ من عالمنا غير لون الموت في عز الظهيرة»، كان لأبي نايف محبة واسعة من الناس وهو الذي يغمرهم بحسن تعامله وبشاشته الدائمة ومساعدته لمن يعرف ولمن لايعرف، كان من السعوديين القلائل الذين يحسنون الظن بالجميع وجعل الكل في منزلة أصدقائه وهو ممن يتجاوزون عن الزلات حتى إنه لايراها. كان يضع مصلحة الوطن في قلبه دائماً باسطاً مساعدته للصغير والكبير وديدنه الجد والاجتهاد وإيمانه الشديد بالعمل جعله يؤمن بأهمية الخطابة الجيدة التي تؤثر في الناس مما جعله يلتحق بنادي الخطابة (التوست ماستر) في الظهران مبتدأً رغم خجله الشديد رقي السلم من الصفر حتى تسيد أندية الخطابة في المملكة والخليج وأصبح من أبطالها وحصل على عديد من الجوائز العالمية في هذا المجال وتتلمذ على يديه أعضاء كثيرون من المنتسبين لنادي الخطابة في الظهران الذين أخذهم وشد على أيديهم وآزرهم حتى أصبحوا نجوماً في هذا المجال وهم لم ينسوا له الفضل في ذلك فكانوا من أوائل المصلين عليه يوم وفاته في 11 نوفمبر 2012. رحمك الله يا أبا نايف وجعل مثواك الجنة وألهم أهلك وذويك وألهمنا الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه لراجعون.