بدأ المصريون إجراءات كتابة دستورهم الجديد منذ ثمانية أشهر دون أن يتمكنوا من إتمامها حتى الآن نتيجة الصراعات الحادة بين القوى الإسلامية والليبرالية حول بعض المواد الدستورية. واليوم ينزل التيار السلفي إلى ميدان التحرير في جمعة «تطبيق الشريعة» بغرض مطالبة جمعية صياغة الدستور بالنص على الاحتكام تشريعياً ل«أحكام الشريعة» دون الاكتفاء ب«مبادئها» كما هو الحال في مصر منذ عام 1923. ورغم رفض جماعة الإخوان المسلمين المشاركة في تظاهرات اليوم رغبةً منها في منح الجمعية، التي تحظى بأغلبية داخلها، فرص البقاء، إلا أن عديداً من مكونات التيار السلفي تصرّ على الاحتجاج. في المقابل، تتصاعد تهديدات التيار الليبرالي بسحب ممثليه من الجمعية التي باتت في وضعٍ شديد الصعوبة، فهي تسعى لإنهاء أعمالها قبل صدور حكم قضائي ببطلان تشكيلها، لكن الخلافات بين أعضائها قد لا تتيح ذلك. والواقع في مصر يقول إن عملية كتابة الدستور قد تدخل نفقاً مظلماً حال استمرار النزاعات السياسية وإهدار فرص التوافق، وحتى لو أصدر القضاء حكماً بحل جمعية الصياغة الحالية فلن يعني ذلك انتهاء الأزمة، فالرئيس المنتمي إلى الإخوان هو المسؤول حسب الإعلانات الدستورية عن تشكيل جمعية جديدة. وقد تتشابه الجمعية الجديدة مع سابقتها في نسب تمثيل القوى السياسية والمجتمعية، ما يعني أن الأزمة قد تتواصل، إلا إذا اتفقت التيارات فيما بينها على الأخذ بالحد الأدنى من التوافق والاحتكام إلى رأي الناخبين في الاستفتاء على الدستور طالما أن جلسات الجمعية أثبتت أنه لا مجال للوصول إلى توافق بنسبة 100% على كل المواد الدستورية، وبالتالي قد يكون الميل إلى تأجيل الاستفتاء لهذا السبب أمراً غير مجدٍ. وتُعرَف عملية الاقتراع في الحياة الديمقراطية بأنها «ساعة الحقيقة»، فمن خلالها تنتهي التجاذبات والحروب الكلامية، لأن الناخب يكون أصدر حكمه الملزِم لكل الأطراف حتى لو خالف توجهاتهم، لذا قد تبدو «ساعة الحقيقة» حلاً للأزمة الدستورية في مصر.