أدت سوق الاتصالات السريعة التغير والعالية المنافسة اليوم إلى حاجة قوية لمضافرة جهود التكنولوجيا. ففي نهاية المطاف، يمتاز القطاع بمجموعات اتصالات لها مصالح عمل مباشرة في أسواقها المحلية وتمتلك محافظ كبيرة من الحصص المملوكة كلياً أو جزئياً في شركات عاملة في أسواق أخرى. ومع كون التكاليف الرأسمالية عاملاً رئيسياً بالنسبة إليها، تسعى شركات الاتصالات باستمرار إلى الحصول على أسعار ملائمة من الموردين. نتيجة لذلك، فقد سعت تقليدياً إلى التوصل إلى مضافرة جهود التكنولوجيا عبر اعتماد المركزية في المشتريات. غير أنه في حين أن هذه الطريقة قد تكون فعالة، فقد ثبت أنها تتوقف على شروط محددة وتستهلك الوقت والموارد بدرجة كبيرة. وفي ضوء هذه المعطيات . تحول ضروري في هذه الأيام، تتأتى حاجة مجموعات الاتصالات لتحقيق توفير في التكلفة من العديد من الضغوط المالية. في الواقع، تصعب المنافسة الشديدة في توفير الخدمات للمستهلكين والشركات والأنظمة فرض الشركات المزيد من الرسوم. علاوة على ذلك، لا تأتي المنافسة من أسواق المستهلكين والشركات من شركات الاتصالات الأخرى فحسب، بل إن هناك لاعبين جدداً في الميدان، بمن فيهم شركات التكنولوجيا والإنترنت. في الموازاة، تعتبر الحكومات التي تواجه تحديات ضريبية قطاع الاتصالات الذي يحقق تدفقات مالية عالية مصدراً للأرباح السهلة، فيما تزداد طلبات المستهلكين أكثر فأكثر . مقاربة لدخول السوق هناك الكثير من الأسباب التي تدفع مجموعات الاتصالات عادة إلى مواجهة هذه الضغوط من خلال استراتيجية مركزية للمشتريات. ويشرح الشريك في بوز أند كومباني (من الشركات العالمية الرائدة في مجالات الاستشارات الإدارية) أولاف أكير، أن “لهذه الطريقة جاذبية بديهية لمجموعات الاتصالات التي تمتلك حصصاً في العديد من الشركات العاملة. والسبب هو أنه من خلال جمع غالبية المشتريات في المركز، فإنها توفر المال عبر توحيد التجهيزات وجمع القوة الشرائية. علاوة على ذلك، يبدو أن نموذج عمل المجموعة يشجع المشتريات المركزية، بما أن العولمة والتوسع الدولي قد حققا منافع تكلفة أكثر من نمو الإيرادات التراكمي المباشر المتأتي من الشركات العاملة” . في الواقع، تجمع برامج مضافرة الجهود مشتريات التكنولوجيا عبر مختلف نقاط الانتشار الدولية لمجموعة الاتصالات، مما يسمح باستخدام النطاق المدمج للاحتياجات التكنولوجية للحصول على أسعار مناسبة عبر شراء تجهيزات نموذجية لجميع الشركات العاملة . حدود المشتريات المركزية في السوق المتقلبة اليوم، تقل قابلية تطبيق نموذج المشتريات المركزي على العديد من مجموعات الاتصالات. وهذا مرده إلى أن الشراء المركزي للتكنولوجيا يساعد حصراً مجموعات الاتصالات الكبرى التي أمضت سنوات طويلة في بناء قدرات المشتريات على مستوى المجموعة . ومن جهته قال شريك في بوز أند كومباني هلال حلاوي، إن “الوقت وقابلية التوقع عاملان مهمان في برنامج مشتريات مركزي قابل للاستمرار. غير أنه ليس لمجموعات الاتصالات الناشئة هذه الكماليات، كما يُعاد تحديد احتياجاتها التكنولوجية بشكل منتظم عبر وتيرة الابتكار المتسارعة. ويتعين عليها عوضاً عن ذلك السعي إلى تكوين فهم مناسب لمضافرة الجهود التي هي قيّمة لأنها تتخطى اعتبارات التكلفة البحتة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد هذه المقاربة الشركات العاملة ضمن مجموعات الاتصالات على أن تطلب في الواقع برنامج التكلفة وتحدد ما إذا كانت المجموعة وشركاتها العاملة مؤهلة للنمو” . وبصورة أكثر تحديداً، تفرض المشتريات المركزية ثلاثة تحديات رئيسية على المجموعات الناشئة: . التكيف مع الاعتبارات المحلية: يمكن أن تحول الاعتبارات التكنولوجية المحلية دون تحقيق المركزية التي تحفز التوحيد. وهذا هاجس خاص بالنسبة إلى مجموعات الاتصالات التي تمتلك شركات عاملة في عدد من الأسواق التي تتفاوت مستويات نضوجها. . ممارسة رقابة إدارية على الشركات العاملة: تحتم المركزية على المجموعة ممارسة درجة من الرقابة الإدارية على شركاتها العاملة – وهذا يكون من خلال امتلاك الأسهم المرجحة في الشركات العاملة. وقد يتعين على مجموعة الاتصالات استخدام هذه الرقابة، مما يرتب خطراً على الشركات المعارضة للمركزية والتي تصبح مهمشة. . إيجاد التوازن المناسب بين المشتريات المحلية والمركزية: بالرغم من جاذبيتها النظرية، في إمكان المركزية أن تؤدي إلى مضاعفات عملية نظراً إلى صعوبة ضمان توازن المشتريات الصحيح بين المجموعة والشركات العاملة . السوق الشرق أوسطية “تعتبر مجموعات الاتصالات الرئيسية في الشرق الأوسط من المشغلين الناشئين الذين من المحتمل أن يواجهوا هذه التحديات، نظراً إلى توسعها السريع خلال الأعوام الماضية، وتفرعها بدرجة كبيرة خارج سوقها المحلية”، وذلك وفقاً لمدير أول في بوز أند كومباني داني سمور، الذي أضاف أن “مع بدء هذه الشركات بتثبيت نفسها، سوف يؤدي مستوى نضوج الأسواق المحلية إلى خيارات تكنولوجية محددة جداً خاصة بالشركات العاملة، مما سيمنع المجموعات من توحيد مشترياتها وإضفاء الطابع المركزي عليها. وفي سياق مشابه، تمتلك هذه العناصر الناشئة غالباً محفظة من الأسهم المرجحة وغير المرجحة” .. في الواقع، وفي هذه المنطقة بالذات، فإن نصف الشركات العاملة ضمن مجموعات الاتصالات مملوكة بصورة جزئية – مما يحد بدرجة كبيرة من فاعلية المقاربة المركزية لمضافرة الجهود. ولهذه الأسباب، سوف تكون المقاربة غير المركزية والتعاونية أفضل لها . مضافرة الجهود قبل إضفاء الطابع المركزي في إمكان مجموعات الاتصالات إحداث قيمة كبيرة وتقليص تكاليف رأس المال في حال أرست ثقافة تعاون بين المجموعة وشركاتها العاملة. في الواقع، سوف تؤدي هذه المقاربة غير المركزية أيضاً إلى منافع نوعية كبيرة لناحية تبادل المعرفة وتحسين تجربة العملاء والتشجيع على الابتكار . وقال حلاوي إن “نفقات رأس مال التكنولوجيا المُدارة بهذه الطريقة تحولها إلى استثمارات إيجابية بدلاً من اعتبارها تكاليف سلبية. وعندها يمكن لمجموعات الاتصالات التحول في طريقة العمل لناحية الاستحواذ على التكنولوجيا والإدارة، بما يسمح لها بتحديد التكاليف التي ستمنحها القدرة على النمو. وبذلك تكون المجموعات في وضعية تركيز على القدرات المميزة التي ستمكنها من البقاء متقدمة على منافسيها” . وهذه العملية الجيدة هي تماماً ما يؤدي إلى برنامج موفر للتكلفة على المجموعات والشركات العاملة التي هي حالياً في موقع يؤهلها للإنفاق بحكمة والنمو بقوة . وضع برنامج مضافرة جهود غير مركزي هناك عنصران أساسيان لبناء مقاربة مضافرة جهود غير مركزية وتعاونية هما تحويل المجموعة إلى مورد خدمة ومنح الشركات العاملة مرونة التكيف مع الاعتبارات المحلية على أساس خبرتها.نموذج مورد الخدمة: يقترح فريق مضافرة الجهود على مستوى المجموعة مبادرات يمكن للشركات العاملة تأييدها. وعندها يمكن أن تمتنع الشركات العاملة عن اعتماد عروض المجموعة التي لا تتلاءم مع الاستراتيجيات المسيّرة محلياً. ومن خلال التصرف كمورد خدمة، يدعم فريق مضافرة الجهود على مستوى المجموعة أيضاً الشركات العاملة خلال دورات المشتريات. وهناك أثر مهم آخر لنموذج مورد الخدمة يتمثل في ملاءمة أهداف مشتريات المجموعة مع المنافع الملموسة للشركات العاملة. وترسي هذه المقاربة التعاونية توازناً عادلاً في العلاقة بين التنسيق على مستوى المجموعة وعملية صنع القرار المحلية، كما تمنح الشركات العاملة حافزاً للمشاركة بالكامل في مضافرة جهود التكنولوجيا – حتى تتمكن من الاستفادة من القوة الشرائية للمجموعة . قيادة الشركة العاملة: تسمح هذه المقاربة التعاونية وغير المركزية للشركات العاملة بقيادة برنامج تحقيق مضافرة الجهود من خلال جهازين. الجهاز الأول عبارة عن فريق من الخبراء يعتمد على خبرة الشركات العاملة المشاركة، بينما الجهاز الثاني عبارة عن مجلس حوكمة لفرقاء القيادة في الشركات العاملة. أما غاية هذا المجلس فهي ضمان الموافقة الملائمة من أصحاب العلاقة، فضلاً عن الموافقة على المبادرات الجديدة ومراقبة تقدم الجهود المستمرة. ومن جهتها، تضم المجموعة فريق الخبراء ومجلس الحوكمة وتشارك في كليهما .. المنافع الكمية للطريقة غير المركزية منافع كمية واضحة تتأتى من وضع أدوات سريعة ومتطورة لتحليل التكلفة تؤدي إلى وفورات تكلفة مباشرة وتمكن المجموعة من وضع نماذج مرجعية دقيقة تمكنها من بناء قدرات قياس. ومع تقدم من هذا القبيل، في إمكان شركة معينة النظر بسهولة في البيانات من شركة عاملة جديدة – وهي قدرة مفيدة عند تقصي المعلومات خلال عملية الاستحواذ أو التفاوض على الأسعار .. وتمنح الشفافية التي تعطيها طرق القياس هذه جميع الشركات العاملة قدرة تفاوض قوية جداً مع الموردين، وتسمح لها في الوقت عينه باقتناء التجهيزات التي تحتاجها بالوتيرة التي تراها مناسبة على أساس اعتباراتها المحلية. وبالإضافة إلى شفافية الأسعار هذه، في إمكان فريق مضافرة الجهود دفع حسومات الحجم التي تنطبق على الإنفاق الإجمالي للمجموعة مع كل مورد .. وأضاف أكير في هذا الإطار: “لقد وضعنا أدوات تحليل سريعة ومتطورة تسمح لجميع الشركات العاملة ضمن مجموعة معينة بالتمتع بالشفافية الكاملة وإجراء مقارنة متلائمة وعالية الدقة لجميع التجهيزات التكنولوجية التي تشتريها. ولم تكن هذه هي الحال في الماضي، كما أن الأدوات المتوفرة أصلاً في السوق عامة لدرجة لا تسمح بشفافية كافية. لكن لحسن الحظ يمكن من خلال هذه الاستراتيجية لفريق المجموعة أيضاً وضع جداول أسعار شاملة تشكل مرجعاً لجميع التجهيزات وأسعارها تسمح بإجراء مقارنات أفضل للتكلفة. والطريقة غير المركزية فاعلة بمقدار التوحيد في معالجة غموض أسعار التكنولوجيا. كما تطاول منافعها تكنولوجيا المعلومات نظراً إلى تمكن المجموعات والشركات العاملة التي تعتمد هذا المخطط من تحقيق مضافرة جهود التكنولوجيا بالنسبة إلى سلع مثل أجهزة الخادم والتخزين والبرمجيات ومنتجات المعلوماتية الأخرى الخاصة بالمستخدم .. المنافع النوعية “لمضافرة جهود التكنولوجيا آثار نوعية مهمة أيضاً – مع نتائج تؤدي إلى بناء قدرات المجموعة. والنتيجة الأكثر وضوحاً هي تحسن في تبادل المعرفة والخبرات عبر المجموعة وشركاتها العاملة”، بحسب داني سمور الذي أضاف أن “هذا يتحقق عبر جعل فريق مضافرة الجهود على مستوى المجموعة يدعم الشركات العاملة في تحديد المجالات المشتركة لتبادل المعلومات. أما الوقع النهائي لهذا الأمر فهو تحسن شامل لخبرة العملاء – وهي قدرة مهمة في عصر خيار المستهلك” . وهناك فائدة نوعية أخرى تتمثل في قدرة الشركات العاملة على التعاون في تكنولوجيات من هذا القبيل على غرار الجيل الجديد لأنظمة المراقبة والتشغيل (NGOSS). فمع أدوات كهذه، يمكنها الابتكار بصورة مشتركة في مجالات مثل تكنولوجيات الآلة إلى الآلة M2M والخدمات الصحية عبر الجوال والتطبيقات التجارية الجوالة. أما الفائدة النوعية النهائية للتنسيق فهي ربما أنها تساعد قادة الاتصالات على قدم المساواة على تخطي الصعوبات المترتبة على قرارات الاستثمار في التكنولوجيا. ومع تطور قطاع الاتصالات وازدياد تعقيداته من الناحية التكنولوجية أكثر فأكثر، سوف تكون مجموعات الاتصالات في حاجة بالتأكيد إلى آليات من هذا القبيل . وتسمح المقاربة التعاونية غير المركزية التي تمتاز بمنصات تبادل معلومات مستقرة وثقافة ترتكز على الشراكة لمجموعات الاتصالات بإيجاد القيمة رغم تحديات الاعتبارات المحلية والرقابة الإدارية على الشركات العاملة والتوازن الصعب بين المشتريات المحلية والمركزية. وببساطة، تعمل هذه الاستراتيجية بشكل أفضل من المركزية والتوحيد لأنها تحتم على فرقاء مضافرة الجهود النظر في ما هو أبعد من مجرد جمع المشتريات. والأهم من ذلك هو أن المضافرة التعاونية لجهود التكنولوجيا يساعد مجموعات الاتصالات وشركاتها العاملة على إدارة تكاليفها ونشر موارد التكنولوجيا لتحقيق التوسع والنمو المنشودين. 04-11- Hilal Halaoui 04-11- Olaf Acker الرياض | الشرق