1 أكتب لكم من محافظة رجال ألمع. مكان الميلاد وكذلك الممات بإذن الله؛ بالطبع لم أحفظ القرآن الكريم في السابعة، ولم تظهر عليّ علامات النجابة والفطنة حتى الآن؛ كما هو المتوقع في كل سيرة مماثلة. 2 عشت طفلاً عادياً -كأطفالكم الملائكة- دون ملاعق ذهب أو خشب أو بلاستيك، وكنت أذهب إلى المدرسة بثياب ملونة صيفاً وشتاء، وحذاء (زنوبة) موضة الثمانينيات الميلادية في قرى الجنوب المفطورة على الصفاء والأبهة. 3 لم أعرف أبداً حفاظات البامبرز ولا الطفل السعيد، ولا حتى الشرق الأوسط الجديد. وهذا هو الفرق بيني وبين أطفالكم. في المرحلة المتوسطة عرفت مجلة ماجد للأطفال، ومجلة المجتمع الكويتية للسادة الإخوان، وكنت أعب من النقيضين كمن يتبع السيئة بحسنة! 4 أول كتاب قرأته في حياتي: كليلة ودمنة، وكلما مر الوقت ازددت قناعة بأننا لا نزال نعيش عصر حيواناتها؛ الفرق أن أسد الغابة في ذلك الوقت لم يكن غبياً كأسد الشام. 5 أول جملة محترمة كتبتها في حياتي: النظافة من الإيمان، وكانت على قفا زميلي في المدرسة، وبودي اليوم أن أكتبها على قفا كل فاسد لعله ينظف قبل خراب مالطا! 6 آخر درس تعلمته يقول ملخصه إن الشيوخ دائماً على حق، وإن عليك ألا تقول رأيك بصراحة إلا بعد قراءة المعوذتين، وبعد الصلاة لشهر مع إمام الجامع تحسباً لتزكية في يوم أسود. 7 آخر مقال كتبته كان لصفحة الرأي في جريدة الوطن قبل عام من الآن؛ ولكنه لم يُنشر، وها أنا أعود الآن دون أي تلفيات؛ بل طازجاً كما خرجت من عشب قريتنا الأخضر ذات صباح استوت على ترائبه السنابل. معكم أبدأ التراتيل.