أحدنا لا يشك أبدا في أن يد الله مع الجماعة، فكلما اتحد القوم بشكل صادق تشكّلت قوة للنجاح في أي أمر. موسم الحج لدينا أكبر مثال على صحة هذا الحديث. ففي كل موسم حج تشهد جميع المؤسسات الحكومية بتوجيه ملكي حركة تنظيم ومساعدات ودعم لتحقيق مستوى من التقدم والخدمات التي تمنح ضيوف الرحمن مزيدا من الراحة والطمأنينة خلال تأديتهم للمناسك، وأتساءل: لمَ لا نرى هذه الجهود والخدمات دائما؟ ولمَ لا تسير أمور المواطن كلها بنفس النظام الذي يعظُم أمره بالحج؟ ولمَ نفقد الحدة ذاتها التي تنص على أن الحج موسم لا يقبل فيه التقصير؟ كيف نعجز أن نضبط أمور حياتنا ونحن شعب واحد ولا نعجز أن نضبط أياما قليلة يأتي فيها الناس من كل موطن؟، ربما لا يزال الفساد يا هيئته بالقرب. *** وحين يحين موسم الحج ويلبّي من كتب الله له أن يلبّي لوجهه الأكرم، وتجتمع أجناس الخليقة كلها في أطهر البقاع لا يجمعهم سوى الانتماء للإسلام يخالج قلوبنا فخر وتعظيم لإله قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) نراهم في أبسط الملبوسات، وأزهد الأشكال يجتمع القوم يلفهم إحرام ذو لون أبيض، (لا تمييز بين مسؤول خرج للحج كي يتطهر من فساده أو يزداد تقوى، ولا مواطن فقير أتى ليؤمل مكانا في الجنة لأنه يعلم أن السكنى في السماءعادلة ليست كما الأرض ). *** وإذا نادى المنادي للحج هبّ الجميع مشكورا من حكومة وشعب لتقديم ما في المستطاع لمساعدة الحجيج على أداء المناسك في أفضل الخدمات، لكن أهل مكة لهم أياد كريمة – كما هم – منذ أن عرفت أرضهم الحج وهم لا يتوانون عن مد يد العون بكل ما جادت به أنفسهم فمنهم المطوفون الذين لم يغب دورهم في إعانة الحجاج ومساعدتهم في الحصول على حاجاتهم والتأكد من راحتهم أثناء حلولهم عليهم، ومنهم الذين يؤثرون إخوانهم بالحج فلا يمارسون حياتهم الطبيعية ولا يقومون بالخروج كثيرا حتى لا يتسببوا بمزيد من الزحام، وفي كل موسم يسجل التاريخ لهم أعمالا عظيمة لخدمة الحجاج ولا يزال أهل مكة كلهم شرفاء وإن لم يكونوا جميعهم من الأشراف. *** تشكيل اللجان عرف لدينا بأنه الفرج لذوي الفساد والمقصرين، نتمنّى أن تكون اللجنة التي وجّه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة نائب رئيس لجنة الحج العليا رئيس لجنة الحج المركزية بتشكيلها للتحقيق في أسباب التأخير الذي حدث لمجموعة من الحجاج عند بوابة محطة القطار مختلفة عن بقية اللجان السابقة التي تُعطى المسميات ويوكل إليها التحقيق لتموت لا لتجد الحقيقة وتظهر المقصر من المظلوم، فخادم الحرمين أطال الله بقاءه لا يرضى أن يتم هذا على أرضه ولشعبه، لذلك يجب أن تتغير المعطيات ليصبح المجتمع أنقى. *** المخالفون، الحملات التجارية، شركات الاتصالات، المطار، هم أيضا وجهات تحتاج لنظر، فكل موسم حج تتكرر نفس المخالفات من الذين لا يستوعبون النظام ولا يستوعب النظام تقصيرهم، المحرج هنا أن من بينهم أشخاصا يُرسَلون من الجهات الحكومية للعمل فيستغلون الوضع للحج، فلا هم الذين حجوا بطريقة نظامية ولا هم الذين راعوا الله في مسؤولياتهم، ولا تزال الحملات تستيقظ في هذا الموسم لتحصل على مبلغ كفيل بأن يضمن لهم العيش حتى الموسم القادم، وشركات الاتصالات التي تمارس جهدا جبارا في الخدمة لكنها تغفل عن ثقافة العمل الديني أنه لا ربح ولا تسويق به بل أجر ومثوبة من الله، وأخيرا الوجهة المرهقة هي المطار وسير الرحلات يجب أن ينظر في أمره بكل حزم لا نريد أن نقرأ أخطاء كل موسم بالمواسم الجديدة أبدا. *** والحج يبقى أعظم تجمع ديني وحضاري لا بد أن يتعاون الجميع فيه ليكونوا كما يجب أن يكون المسلمون لنترك لكل حاجٍ وحاجة ذكرى طيبة في تجربة العمر عن أهل الحرمين وأخلاقهم، فكما أن بلادنا واجهة الإسلام وأرضه لا بد أن نكون نحن صورا متحركة يرى فينا الجميع أخلاق محمد وما أنزل إليه. *** شكرٌ بقدر الطهر في هذه الأيام لكل الرجال والنساء النبلاء، الموظفين والمتطوعين منهم ، الذين تركوا متعة الدنيا وقدموا لخدمة الحجيج، وبطموح البسطاء نسأله أن يجعل النية الصالحة والجد في أمرنا كله وأن يرزق كبارنا الإخلاص لصغارنا. **** ولو أننا نجتمع في أمرنا كله، ليعمل الكل لأجل الكل سنصبح جميعنا قوة تقف بصف واحد، سيكون الله معنا وستكون روح النجاح قريبة لأن تحتضننا، اجتمعوا، واقتربوا، واتحدوا تنجزوا، ذلك خيرا لكم. كل عام وأنتم في خير.