المأساة التي وقعت أول من أمس في هجرة عين دار القريبة من بقيق تجعل الحزن يغلف أفئدة كل السعوديين وكل المتابعين للحدث من بدايته، فالمأساة التي وقعت مهما كانت مسبباتها وقدريتها فلن أخوض فيها الآن ولكنني سأتجه إلى الجانب الإنساني القريب منا جميعاً. 24 قتيلاً ذهبوا ضحية، ضحية للإهمال، أو للكهرباء أو للرصاص، هم في النهاية ضحايا، ولم يكن ذنبهم أنهم احتفلوا بزواج تحول إلى كارثة، احتفلوا مثلنا جميعاً عندما نحتفل، نبحث في احتفالنا عن خروج من نسق أحزاننا، ولم يعلموا أن الحزن هو طريقهم الأخير وأن الموت لهم بالمرصاد في آخر لحظات حياتهم. سيدات، وشابات، وشيب، وأطفال خطفهم الموت الكهربائي، وهم في لحظات فرح، تحول المشهد من بياض كامل إلى سواد جثث، وسواد وجوه، والكل ينظر للمأساة. في قلب الحدث ليل أرخى سدوله، بأجنحة الموت، ليحول المشهد إلى بكاء، أبكانا جميعاً وحولنا من مجرد ناقلين للخبر إلى مفجوعين به ومتألمين وكأن المفقودين جزء من أضلعنا فقدناهم في انكسارات الفرح. من قصص الحزن تلك الطفلة التي فقدت ووجدها الباحثون عنها في حضن أمها، ولكن الحضن هذه المرة لم يحضنها بحب، ولم تحضنها أمها لترضع منها، بل حضنتها وهما محترقتان، فكان عناقاً حتى الموت، وأمومة أبت أن تترك الطفلة تحترق. المأساة لها ألف أب، الموت والكهرباء والرصاص، وأمور أخرى قد لا نعلمها، ولكن الحقيقة الثابتة أن الضحايا ذهبوا، وهذه المرة ذهبوا ولن يعودون، وسيفتقدهم أحبابهم، مثلما كان حزننا عليهم، ومثلما حزن عليهم كل شبر في هذه الأرض. إضاءة: الموت الوحيد الذي يجعلنا نبكي بحزن!