لن يبدو الأمر مفاجئا حين تسمع أغنية تقول كلماتها «حبيبي برشلوني، يموت فبرشلونة، وأنا مدريدي لكن، بغير لعيونه»، خصوصا إذا كنت ممن مر بهم العمر على واحدة من أغنيات الزمن الشعبي الجميل -نوعا ما- تقول كلماتها: «لعب بي وليفي لعب، كورة ضربها بليه، سجل بها قول البرازيل في الدورة». الأخيرة كانت تعبيرا مجازيا عن طريقة اللعب العاطفي وكيف أن الحبيب وصلت احترافيته في اللعب إلى مستوى الأسطورة بليه، والأولى حملت روحا جديدة في الكلمة المغناة، وصورت حالة عالمية فريدة تكمن في قدرة فريقين على الارتباط عاطفيا بالبشرية جمعاء، وتنامت الصورة إلى التخلي عن ما أحب إلى حب ما يحب الحبيب. ربما لاتجد هذه الأغنية قبولا لدى شريحة من المتلقين، خصوصا عشاق «اللقييات» الإنجليزية أو الإيطالية، لكن المؤكد أن لا أحد سيأتي ليقول إن هذه الأغنية تافهة وكلماتها فيها إسفاف وانحدار للذائقة، فمن يجلس في سيارته لعشر دقائق يستمع فيها إلى إذاعة، سيعرف أن التغني ببرشلونة وريال مدريد أجمل بكثير من كثير مما يصدح به مغنون في هذه المواسم، بل إن الفن أصبح بلا ذائقة أو إن الذائقة لم يعد يعنيها الفن. ما يؤخذ على كاتب هذه الكلمات الرقيقة، تجاهله اسم «ميسي» في الأغنية، فكما كان للبرازيل «بليه» فلبرشلونة «ميسي»، فكيف يذكر برشلونة في أغنية تتراقص عليها الشعوب دون أن يكون ميسي موجودا في الحفلة، لن يتجاوز التاريخ قلب الفريق وقائد انتصاراته، فكيف بأغنية عربية عاطفية برشلونية، وإذا أردنا أن نرصد خللا في تركيبة الأغنية فهذا هو الخلل، وهو بالتأكيد خلل يعصف بالذائقتين الفنية والكروية.