شيّع أهالي حائل ظهر أمس (الأحد) جثمان الأديب سعد بن خلف العفنان، ودُفن في مقبرة صديان، بعد أن أديت الصلاة عليه في جامع برزان. وتوفي الأديب الراحل مساء أمس الأول (السبت)، بعد معاناة مع مرض ألزمه الفراش لسنوات. ويعدّ العفنان واحداً من أبرز المثقفين والأدباء في مدينة حائل، وألّف عدة كتب أدبية وزراعية واجتماعية. ويحتضن منزل العفنان الشعبي البسيط في حي المحطة (وسط حائل) مكتبة خاصة تضم نحو خمسة آلاف كتاب، منها عشرات من الكتب التي ألفها، أحدها كتاب عن عبقرية الملك عبدالعزيز آل سعود. ووُلد رحمه الله تعالى في أوائل شهر شوال عام 1358ه في قرية النعي (ستون كيلومتراً شرق مدينة حائل)، ونشأ في بلدة السبعان (65 كيلومتراً جنوب شرق حائل). ونعى رئيس نادي حائل الأدبي نايف المهيلب، الفقيد، وقال إنه «من روّاد حركة النشر التأليف في منطقة حائل، وله عدّة إسهامات ثقافية في عدة مجالات، فألف في التاريخ والأدب، وله مؤلفات اجتماعية ومقالات متنوعة في عدد من الصحف»، موضحاً أن الفقيد أثرى المكتبة العربية «بما يقارب أربعين مؤلفاً، تميزت بجودتها ودقة محتواها وتخصصها الفريد». وأضاف «كان أبومفيد (كنيته) رجلاً مكافحاً، وقارئاً مطّلعاً، متوّجاً ذلك كلّه بخُلق رفيع ودماثة رائعة»، مشدداً إلى أن غيابه «يشكّل خسارة فادحة للثقافة والأدب في منطقة حائل». وتابع «قاسى (العفنان) ويلات المرض والظروف الصعبة في السنوات الأخيرة، فشكّلت معاناته هاجساً لمثقفي المنطقة، لقد رحل الرجل البشوش، صاحب الابتسامة الدائمة، والإرادة القوية»، مشيراً إلى أن الراحل «شكّل ظاهرة نادرة من الصعوبة أن تتكرر». وقال إن الفقيد إلمام متنوّع، واطلاع في شتّى صنوف المعرفة، وإنه كان ينشر باستمرار، ويكتب بشكل متواصل رغم تقدمه في السن، لافتاً إلى أنه كسب احترام جميع من عرفوه بحسن ذاته ولطافته وطيب معشره، «سنفتقده كثيراً، ولكن عزاءنا الوحيد هو هذا الإرث الثقافي والفكر الذي ورثه وأثرى به مكتباتنا». من جانبه، قال المسؤول الإعلامي في النادي فهد التميمي، إن رحيل العفنان سيترك ذكريات خاصة عن مسيرة هذا الإنسان، الذي عانى من قسوة الحياة، وتقلبات ظروفها، «ورغم ذلك أبحر مبدعاً ومؤلفاً في عدّة مجالات». وأضاف «كان موسوعة حية من العلوم والمعارف، تعاملت معه عن قرب، واستفدت منه كثيراً. لقد أسرني ببساطته وكرمه وبشاشته.. كان يزوّدني بكل مؤلفاته، وأذكر مرة في إحدى ليالي الشتاء أنه غاب عنّي طويلاً ليبحث ويحضر لي كتاباً كنت أحتاجه عن حاتم الطائي، من مستودع في سطح منزله المتواضع رغم إعاقته وصعوبة حركته»، لافتاً إلى أنه «كان أخاً وأستاذاً بمعنى الكلمة، وغيابه سيكون مؤثراً، فقد كان قدوة لجيل كامل في مجال البحث والقراءة والتأليف». واختتم التميمي حديثه عن الراحل بقوله «استضافه نادي حائل الأدبي ذات مرة ليتحدّث عن مسيرته.. قبل أكثر من سنتين، فظهر الرجل ب(كاريزما) فريدة للغاية، وببساطة وتلقائية نادرة ليتحدّث بشفافية قلّ أن تجد لها مثيلاً. لم يكن يحب المبالغة والتهويل، كان صريحاً وجريئاً وهو يسرد ذكرياته ومراحل حياته. نفتقده اليوم بعد ما رحل إثر معاناة طويلة، فخالص الدعاء له بالرحمات والمغفرة».