خلَّفت مشاركة وزير الأمن والخارجية الإسرئيلي الأسبق، شلومو بن عامي، في ندوة “الحوار الأورومتوسطي غداة الربيع العربي” بمدينة فاس عاصمة المغرب العلمية، استياءً كبيرا لدى الشارع المغربي والمنظمات الحقوقية التي انتقدت استمرارية التطبيع ووجَّهت سهامها لحكومة الزعيم الإسلامي عبد الإله بن كيران. واعتبرت فعاليات حقوقية أن حضور شخصيات إسرائيلية للمغرب يشكل تحديا سافرا لمشاعر المغاربة الذين ينتقدون التطبيع ويعتبرون أنه آخذ في التصاعد في عهد حكومة الإسلاميين التي يقودها حزب العدالة والتنمية المعروف برفضه التطبيع. ولم تقتصر مشاركة الوزير الإسرائيلي الأسبق على الحضور فقط بل تناول الكلمة في الندوة الدولية، ودغدغ مشاعر المسؤولين حين أشاد بالإصلاحات التي شهدها ويشهدها المغرب في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية. ووصف المسؤول الإسرائيلي، الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس مركز توليدو الدولي للسلام في مدريد، حالة الحراك الذي يشهدها المغرب ب “استثناء في المنطقة العربية”. واعتبر بن عامي أن الإصلاح في المغرب دُشِّنَ “منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وحتى قبل ذلك في عهد الملك محمد الخامس، العهد الذي اتسم بالانفتاح على الثقافات والديانات الأخرى” على حد تعبيره. ودعا بن عامي، الذي ينحدر من المغرب، الدول الأوروبية إلى تغيير تعاملها مع المنطقة العربية، بعدما تخلصت عددٌ من بلدانها من الدكتاتوريين، وأن تتعامل معها ندا للند وأن لا تكتفي فقط بمحاربة الإرهاب، مذكِّراً بأن تطور أوروبا والغرب رهين أيضا بتطور دول جنوب البحر الأبيض المتوسط. ويبدو أن الأنشطة الإسرائيلية ارتفعت في المغرب مع قدوم الحكومة الإسلامية، إذ لم يسبق من قبل أن جرى تسجيل مثل هذا الحضور اللافت، حتى عندما كان المغرب يتوفر على مكتب للاتصال في إسرائيل قبل قطع العلاقات نهائيا بسبب الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. ويبقى هذا الإرتفاع مفارقة سياسية حقيقية بحكم أن حزب العدالة والتنمية من متزعمي مقاومة ما يعرف بالتطبيع مع إسرائيل على المستوى المغربي وكذلك العربي، وبعد وصوله الى الحكم، تساءل الكثير من المراقبين حول مدى “برغماتية الحكومة الإسلامية” في معالجة ملف الأنشطة الإسرائيلية التي يستقبلها المغرب. في غضون ذلك، تؤكد بعض مصادر من “العدالة والتنمية” أن ارتفاع هذا النشاط التطبيعي تقف وراءه جهات ترغب في وضع حكومة بن كيران في مواجهة الرأي العام المغربي، لاسيما وأن الحكومة لا تعلم بهذه الأنشطة إلا بعد نشرها في الصحافة. ويبلغ حجم المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل خمسين مليون دولار أمريكي سنويا في القطاعات الزراعية والصناعية وغيرها. يذكر أن شلومو بن عامي كان سفيرا لإسرائيل في إسبانيا، قبل أن يُنتَخَب في سنة 1996 عضوا في الكنيسيت الإسرائيلي ضمن قائمة حزب العمال، وفي 1999 عُيِّنَ وزيرا للأمن الداخلي في حكومة ايهود باراك كمسؤول عن الشرطة الإسرائيلية، وفي سنة 2000 أصبح وزيرا لخارجية إسرائيل. الرباط | بوشعيب النعامي