بلغت «الصرعات» وطرق وفنون ممارسة الحريّات في الغرب مطارح ومستويات غرائبية، وأخذت أشكالاً وألواناً وتصرفات عجائبية. ونحن – بدورنا – كشعب قاد ويقود منذ فترة طويلة، ريادة «فن الاستهلاك» المرتكز على «التقليد» الأعمشى لأسخف الأشياء، وأردأ التصرفات «الغربية» غير مكترثين بل مهملين لكل ما ينتجه ذاك الغرب من أمور جدِّية، أصيلة ومفيدة، ومن دون فرز أو تفريق بين غثّ وسمين، أو بين جيد ورديء، وبين قبيح وجميل. وبما أننا تعوّدنا أن نذهب إلى «السهولة» غير الممتنعة! التي لا تتطلب جهداً أو إمعان فكر من أي نوع كان، فقد أصبنا باللوثة المعروفة باسم «الاستغراب»! وأظن بأن فعل «استغْرَب» بمضمونه وبمعناه العام، يعني: الشعور العميق بالدهشة «الدهوش»! المنبثقة والناتجة عن الجهل المطبق بالشيء من جهة، والدَّالة على عدم «المعرفة» بشكل عام من جهة ثانية!! من الثابت أن معشر «القرود» قد شكَّلوا عبر أجيال متعاقبة نخبة النخبة بين الحيوانات «المقلّدة». وربما كان فعل «التقليد» هو من المزايا الرئيسية التي كوّنت القاسم المشترك بين الإنسان والقرد! وربما – أيضاً – على هذا الأساس المنطقي، طلَعَ علينا الراحل «تشارلز داروين» بنظريته المشهورة في أصول الأنواع، وقضية النشوء والارتقاء المرتكزة بجوهرها على علاقة الأبوّة أو الأخوّة، والعمومة أو الخؤولة بين بني آدم الميامين وبين القرود «السعادين»!! وبسبب ضعف مناعتنا «الشخصانية»، وركاكة دفاعاتنا «الجماعية» وبسبب التراجعات المستمرة، والتنازلات الموصوفة، وفقدان أرضية «الثوابت القومية» وعدم فهم واستيعاب حضارتنا، وعدم تركيزنا على الشؤون والشجون المصيرية، وتركها على غاربها بين أيدي «المستشرقين» ووقوفنا أمامهم «مستغربين»!! استطاع «الغرب» وباجتياح شامل أن «يفرض» إلى جانب مشاريعه السياسية والاقتصادية والعسكرية، كل رؤاه وتصوراته «الذوقيّة» والجمالية والسلوكية، من البابوج إلى الطربوش! حتى توارت عن الأسماع والأنظار، شخصيتنا العربية!! ومنذ سقوط «الأندلس» أصبحنا في مقدمة شعوب عباد الله المستهلكين، المقلّدين، وقد غَلَبَ علينا طابع «السّعْدَنة»! في كل شيء!!