القصيم – علي اليامي عبداللطيف المشيقح: الجمعيات الخيرية لا تحتاج إلى مدير بربع دوام بين صلاة المغرب والعشاء. عبدالرحمن المشيقح: لو كان هناك تواصل ما بين الجمعيات والجامعات لكان الشاب حاضراً بقوة. نورة آل الشيخ: عندما يتم إسناد مهمة الإدارة لشخص غير متفرغ وغير متخصص فالنتيجة «عمل عشوائي». العنزي: للشباب نصيب من التطور والتعايش مع العصر والتكيف مع الأحداث الجديدة والعالم الإلكتروني. سالم: يستحيل أن تجد شاباً في منصب مهم في الجمعيات الخيرية «لأنه قادم من كوكب آخر». يستحوذ المتقاعدون على معظم المناصب العليا في الجمعيات، وبرامج الإغاثة، وأينما كنت في المملكة ستجد أن القائم على الجمعيات الخيرية، والبرامج الصيفية، والجولات الترفيهية، إما أستاذ جامعي متقاعد، أو موظف هيئة، أو معلم متقاعد براتب ضخم، وكلهم يعملون في وظائف مختلفة، ويسدون الطريق أمام الشباب الجامعي المهيأ لشغل مثل هذه المناصب. «الشرق» طرحت هذه الظاهرة للنقاش: ازدواجية العمل يقول عبداللطيف مشيقح ل«الشرق»: الجمعيات الخيرية تحتاج شخصاً متفرغاً للعمل براتب مقطوع، وليس لنائب مدير يحضر، ومدير يعمل بربع دوام من بعد صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، أو من الرابعة عصراً إلى السادسة مساء، وهو في الأصل أستاذ جامعي يتقاضى راتباً عالياً، وغيره أولى منه بما يحصل عليه. وأضاف، «أشبِّه هذا العمل بعمل المدرسين في البرامج الصيفية، الذين يتقاضون ألف ريال عن المشاركة في اليوم الواحد ببرامج صيفية في القرى والهجر، ليصل دخلهم في الشهر، صيفاً، إلى ثلاثين ألف ريال. غيرهم من الخريجين أولى بهذا العمل لو تم التعاقد معهم. هذا هو عدم التخطيط». مبدأ إعطاء الفرصة وتساءل المشيقح لماذا تتم استعارة شخص موظف، وغيره في حاجة لهذا العمل، خاصة أن رئاسة الجمعيات الخيرية تحتاج للخبرة والدراسة والتخصص؟ وكيف يتم التطوير والتعامل ونحن نعتمد على شخص فكره مشتت، ولا يستطيع التعامل مع هذا التخصص؟ مشيراً إلى أن الفائدة تعم بشكل أكبر لو كان هناك نظام. ويضيف، «من المفروض أن تكون هناك لجنة عليا لدراسة هذا الوضع، ويجب تدخل مجلس الشورى لإيجاد حلول عاجلة، والتعامل بمبدأ إعطاء الفرصة لكي يتم التخلص من الازدواجية والعمل الانقطاعي». الشهرة أم التخصص؟ وتقول مديرة الإشراف الاجتماعي النسائي في منطقة مكةالمكرمة، سابقاً، والمستشارة الاجتماعية، نورة آل شيخ: «الرؤية غائبة بشكل تام في معظم الجمعيات، وإلا لماذا يتم إسناد مهمة الإدارة لشخص غير متفرغ وغير متخصص، ولذلك تكون النتيجة «عملاً عشوائياً»، وغياباً للمهنية والتواصل الاجتماعي، وتظهر العاطفة على حساب التخطيط والبرامج الحديثة المفيدة للعمل، إضافة إلى أن المعلم المتقاعد، أو الأستاذ الجامعي، هو المطلب لإدارة أية جمعية لأسباب لا أعلم ما فوائدها، حيث يكون التفكير محدوداً، والطاقة لا تتحمل العمل، إضافة إلى عدم التكيف بما يخدم التخطيط والتنمية بالشكل السليم، وهنالك معضلات كبيرة ناتجة من عدم صقل الإدارات بدورات تدريبية تخصصية في هذا الجانب العملي». شاي وقهوة وأضافت، «الشباب في العمل الخيري، إن حضر، فلا تسند لهم المهام حسب تخصصاتهم وميولهم، فالعمل في غير المجال من أكبر عيوب الجمعيات بسبب الاعتماد الكلي على شهرة الاسم، حتى لو بلغ السبعين عاماً، وليس على الإبداع في التخصص الإداري، ومن هنا تبدأ الانتكاسة بالرجوع للوراء، وعدم التكيف مع الوضع العملي والعقليات الشابة القادرة على الإنتاجية، والتنوع بالأفكار، وخدمة الجمعيات بشكل أكبر، والتواصل من مبدأ الرغبة العملية، وليس البقاء ساعتين إلى ثلاث ساعات، منها وقت لشرب القهوة والشاي، ثم توقيع ورقتين إلى أربع، ومن ثم الانصراف دون تحقيق نتائج تخدم المجتمع المتواصل مع هذه الجمعيات». مديرات متفرغات وأكدت آل الشيخ، «لنا تجربة فيما يحدث في جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية في مدينة بريدة، من الاعتماد على المديرات المتفرغات العاملات بالدوام الكامل، مما ساهم في تنوع البرامج، واستحداث الدورات، وغياب العاطفة، والتعامل مع المجتمع الفقير بمهنية وتواصل فريد، على عكس بعض الجمعيات الأخرى في المملكة، التي يعاب عليها الاعتماد على متقاعدين، أو متقاعدات، لم يعد لديهم أي جديد ليقدموه، بعدما استهلكوا الأفكار والطاقة بأعمالهم سابقاً، وخاصة أساتذة الجامعات المتقاعدين، والمعلمين، وبعض أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. نحن نحتاج إلى تجديد العقول والأفكار، وإلى الاعتماد على الشباب والشابات لإدارة الجمعيات والتواصل مع العمل الخيري الذي يكون قاعدة جديدة عنوانها طاقة، برامج، دورات، تجديد، تحديث، مهنية، وصولاً للمبتغى بسهولة». فرصة ضائعة من جانبه، يرى المعلم المتقاعد، سعود العنزي، أن المعلم، أو الأستاذ الجامعي، مكث في عمله ما يزيد على 35 عاماً، ومن غير المعقول أن تغيب الكفاءات والعقول الإدارية حتى يتم الاعتماد على أسماء لها شهرة في العمل الخيري، أو لها مشاركات عديدة أثناء الوجود على رأس العمل، مما يحدث ترسيخاً لثقافة الاعتماد على الأستاذ الجامعي المتقاعد، أو المعلم، وكأن الأجيال الجديدة لا يوجد فيها من هو قادر على العمل بجدارة، أو يتطلع لتطوير عمل الجمعيات». لا جديد ليقدموه وأوضح أنه من الضروري إعطاء الشباب الفرصة كي تكون هناك ثقافة عمل شبابية تطوعية، فللشباب نصيب من التطور والتعايش مع العصر، والتكيف مع الأحداث الجديدة والعالم الإلكتروني، وطريقة التواصل هذه غير موجودة لدى الأجيال السابقة، ولذلك يجب تغيير مفهوم الاعتماد على الأستاذ الجامعي المتقاعد، والمعلم المتقاعد، وعضو الهيئة، الذين أفنوا حياتهم، واستنفذوا أفكارهم، ولم يعد لديهم الجديد ليقدموه، أو حتى الاستطاعة النفسية للتواصل مع الجديد لخدمة الجمعيات وتطوير أعمالها وأقسامها وتدريب العاملين فيها بما يتواكب من العالم الحالي من قفزة هائلة في جميع مجالات الجمعيات الخيرية الكثيرة، ولها خدمات جليلة، ولكنها ظلمت بالكوادر الإدارية القيادية لها، وهناك شخصيات لا يوجد لها سوى الاسم، ومن هنا تبدأ الأخطاء والعودة للوراء». التطوع للشباب يقول الخريج إبراهيم سالم، المتخصص في الإدارة، «من المستحيل أن تجد شاباً في منصب مهم في الجمعيات الخيرية، لعدم الثقة به، أو «لأنه قادم من كوكب آخر»، حيث لا يتم الاعتماد إلا على ثلاثة عناصر، أستاذ جامعي له تجربة وقد تجاوز الستين، أو معلم متقاعد، أو عضو هيئة، حتى لو كان على رأس عمل. كذلك تغيب المعرفة بالعمل التطوعي عن المناهج التعليمية بجميع مراحلها، وقد يتم التطرق له بالصدفة من خلال محاضرة، أو حدث مهم يكون وقتياً فقط، وهذا له أسبابه. ومن وجهة نظري، فإن تغيير الاعتماد على أستاذ جامعي، ومعلم متقاعد، وعضو هيئة، بحاجة إلى قرار، وإلى مشاركة من مجلس الشورى، لكي يكون الشاب حاضراً بقوة في المجال التطوعي والعمل الخيري. التطوع والبطالة بدوره، يقول عضو مجلس الشورى، الدكتور عبدالرحمن المشيقح، إن العمل التطوعي من أهم نشاطات الحياة، والاعتماد على الشباب والاستفادة من قدراتهم يعزز ثقافة العمل الخيري التطوعي، فالشباب يستطيع أن يتكيف بسهولة مع المتغيرات متى ما وجد الفرصة للعمل، بعد أن يعزز ثقافته بدورات متكررة لإدارة الجمعيات الخيرية». وأشار إلى أنه لو كان هناك تواصل ما بين الجمعيات والجامعات لعقد دورات سنوية للعمل الخيري لكان الشاب حاضراً بقوة». ويقول: «أعتقد أن الاعتماد على الأساتذة الجامعيين والمعلمين له أهدافه، فالشاب غير حاضر للعمل الخيري حالياً، وغير متكيف لعدم وجود الرغبة، ولغياب المعرفة، وضعف الأداء، وقلة الخبرة، وهذه تحتاج لصقل مواهب عن طريق دورات مكثفة للتغيير التدريجي، حتى يتم تكوين قاعدة شابة تعمل في المجال الخيري بتفرغ تام، ودون الحاجة للاستعارة لموظف، أو موظفة، أو حتى الاعتماد على المتقاعد، أو الاسم ذي الشهرة الواسعة لإدارة جمعية، أو مؤسسة خيرية». المؤسسات الخيرية في المملكة * عام 2010م بلغ عدد الجمعيات الخيرية المرخصة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية 610 موزعة على مناطق المملكة. * في الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر من مليون و514 ألف جمعية خيرية. * إيرادات الجمعيات الخيرية في الولاياتالمتحدة تعادل 800 مليار ريال سنوياً (يعمل فيها أكثر من 11 ألف موظف وموظفة). * العالم العربي بأكمله لا يتجاوز عدد الجمعيات فيه بضعة آلاف. * العمل التطوعي قطاع ثالث، إلى جانب قطاعي العمل الحكومي والخاص. بعض المستفيدين أمام جمعية خيرية