تلقى مو يان الروائي الصيني الحائز جائزة نوبل 2012 للآداب المديح من الحكومة الشيوعية في الصين، وكذلك الانتقادات من منشقين، في مؤشر إلى أن الإبداع الأدبي في الصين لم يتحرر بعد من القيود التي تفرضها السلطة. من مسقط رأسه في بلدة غوامي في شرق الصين، حاول الكاتب أن يدافع عن نفسه، مشدداً على أن الجائزة التي حازها الخميس في ستوكهولم “هي مكافأة أدبية، وليست جائزة سياسية”. وأضاف خلال مؤتمر صحافي “البعض يقول إنه بسبب علاقتي الوثيقة بالحزب الشيوعي لا أستحق أن أحصل على الجائزة. لا أرى ذلك مقنعاً”. ومضى يقول “أعتبر أن بعض ملاحظات ماو (تسي تونغ) حول الفن كانت معقولة، مثل تلك المتعلقة بالعلاقة بين الفن والحياة”. وأشار مو يان بذلك إلى خطاب شهير لماو تسي تونغ ألقاه في العام 1942 حول الأدب والفن، وكان أساساً لعمليات تطهير وإعدام، وحملة من الحزب الشيوعي وضعت فنانين وكتاباً تحت الوصاية. وأتى كلام الروائي الحائز جائزة نوبل للعام 2012 بعدما تعرضت لانتقادات لاذعة أخذت عليه علاقاته بالحزب الشيوعي الصيني الذي يقال إنه عضو فيه. ومن أول الذين شذوا عن قاعدة المديح الذي وجه إلى الكاتب الفائز، الفنان المعارض إي وي وي المنتقد الشرس للنظام السياسي والقضائي في الصين. وقال الفنان إن مو يان “يقف دائماً إلى جانب السلطة. لذا الناس لا تعرف إن كان عليها الضحك، أو البكاء، إزاء جائزة نوبل هذه”. وي جينغشينغ الذي يعتبر “أبا” الحركة المؤيدة للديموقراطية في الصين انتقد هو أيضاً من الولاياتالمتحدة، منح الجائزة إلى مو يان، موضحاً أن هذا الأخير قصر في دعمه لكتاب منشقين نقل بخط اليد جزءاً من هذا الخطاب لماو تسي تونغ شخصياً بمناسبة ذكراه الرسمية في مايو الماضي. وقال مو يان “أكتب في بلد يديره الحزب الشيوعي. وأعمالي منذ الثمانينيات تظهر بوضوح إني أكتب من منظار كائن بشري”. وتابع يقول “إن كثيراً من منتقديَّ لم يقرأوا كتبي. فلو قرأوها لأدركوا أنها كتبت تحت ضغط شديد، وعرضتني لمخاطر كثيرة”. وقال الكاتب إنه يأمل في الإفراج “في أسرع فرص ممكنة” عن المنشق لياو تشياوبو حائز جائزة نوبل للسلام 2010 الذي يمضي منذ 2009 عقوبة بالسجن الانفرادي من 11 عاماً، بعد إدانته بتهمة “التخريب” بعدما شارك في صياغة نص يؤيد إحلال الديموقراطية. وأوضح مو يان “لقد قرأت النقد الأدبي للياو تشياوبو في الثمانينيات. ولم يكن لي أي اتصال به منذ ذلك الحين. آمل أن يتم الإفراج عنه في أقرب فرصة ممكنة ليكرس نفسه كلياً للأبحاث عن النظام السياسي والاجتماعي”. قبل ذلك هنأ المسؤول الأعلى عن الدعاية في الحزب الشيوعي الصيني لي تشانغتشون، مو يان على فوزه. وأوضح أن “جائزة نوبل التي منحت إلى مو يان تجسد غنى الأدب الصيني وتقدمه، فضلاً عن التعزيز المتواصل لنفوذ الصين الدولي بشكل عام”. ونفى مسؤول صيني آخر أن تكون الصين اتخذت موقفاً متناقضاً من خلال ترحيبها بجائزة مو يان، في حين أنها وصفت في العام 2010 أعضاء لجنة نوبل بأنهم “مهرجون” بعدما منحوا نوبل السلام إلى لياو تشياوبو. وأوضح هونغ لي الناطق باسم الخارجية الصينية “موقفنا حول المسألة متماسك وواضح. قبل سنتين لجنة نوبل النروجية اتخذت قراراً شكل تدخلاً سافراً في شؤون الصين الداخلية، وانتهاكاً خطراً لسيادة الصين القضائية. وكانت الصين محقة في معارضتها”. أضاف أن مو يان خلافاً للياو تشياوبو “يتمتع بسمعة ممتازة في الصين، حيث موهبته الأدبية معروفة جداً”. وكانت الصين اعتبرت منح جائزة نوبل للآداب العام 2000 إلى غاو تشينغجيان، الذي غادر بلاده، واختار الجنسية الفرنسية، إهانة، ومنعت أعماله. وميزت الصحف الرسمية الجمعة كذلك بين جوائز نوبل “جيدة”، وأخرى “سيئة”. وقالت افتتاحية صحيفة “غلوبال تايمز” إن “جائزة السلام للدالاي لاما (الزعيم الروحي للتيبت)، ولياو تشياوبو، حملت رسائل غير ودية، بل عدائية”. تابعت الصحيفة تقول “بشكل عام اعتبر الصينيون أن غاو (تشينغجيان) حاز جائزته بفضل الميول السياسية لأعماله الأدبية”. وأكدت “خلافاً لهؤلاء الأشخاص الثلاثة، مو يان كاتب متجذر في الصين، وأحد الكتاب الرئيسيين في الصين القارية”. أ ف ب | غاومي (الصين)