تناولنا في الجزءين السابقين السيناريوهات الأربعة المتعلقة بمستقبل سوريا وفقاً لدراسة استشرافية صدرت عن مركز الأمن الأمريكي الجديد وأعدّتها ميليسا دالتون الخبيرة في وزارة الدفاع الأمريكية والباحثة الزائرة للمركز. وفيما يلي السيناريو الأخير الذي يتحدث عن انقسام في سوريا على خطوط طائفية أو دينية. وفقاً لهذا السيناريو، فإن حرباً أهلية تشتد وتستعر وتستمر في سوريا لعدّة سنوات مدمّرة أسس الدولة السورية. فالمواجهة تتحول إلى طائفية، والثوار يفشلون في الاتحاد ويتصرفون بشكل مستقل عن بعضهم بعضاً، ومستوى القتل يزيد. أما بالنسبة إلى الأسد، فإنه يموت أو يرحل أو تتقلص سلطته إلى أقصى حد ممكن. لكن ذلك لن يوقف الأمر، فالثوار سيتقاتلون ضد بعضهم بعضاً أيضاً للسيطرة على الأرض، والموالون للنظام سينسحبون إلى مناطق على الساحل السوري وبمحاذاة لبنان وفي دمشق. وأمام هذه المعطيات الأمنية، ستكون الأسلحة الكيماوية في خطر، مع احتمال أن تقع في يد الميليشيات، الأمر الذي يدفع الولاياتالمتحدة إلى التحضير والتنسيق لتدخّل من شأنه تأمين هذه الأسلحة أو تدميرها. ويتضمن هذا السيناريو بدوره عدّة احتمالات أو سيناريوهات فرعية، منها: -1إعلان الأكراد الانفصال نتيجة لضعف الدولة وتفككها والنزاع الطائفي أو الاثني المستعر، وقد يتضمن ذلك إعلانهم أيضاً الانضمام لإقليم كردستان العراق، وهذا سيفتح الباب أمام إمكانية استخدام تركيا القوة العسكرية للقضاء على الميليشيا الكردية المسلحة على الحدود، على اعتبار أنهم يستغلون هذه المساحة كقاعدة للهجوم على تركيا، وهو الأمر الذي قد يقوّض في النهاية علاقة تركيا مع العراق، وأيضاً يُبعد أنقرة عن الولاياتالمتحدة، ويقلص من التعاون معها حول موضوعات مهمة. -2 قد تقوم تركيا وإيران بزيادة الدعم للجماعات بالوكالة داخل سوريا من أجل بسط السيطرة على مزيد من المساحات في سوريا، الأمر الذي يهدد بانتقال هذه المعركة بالوكالة إلى دول مجاورة خاصة في العراق ولبنان. وعلى الرغم من أنّ الموالين للأسد سيتحوّلون إلى ميليشيا محليّة، فإن اعتماده سيبقى كبيراً على الدعم الإيراني المالي والعسكري، وقد تعمد إيران أيضاً إلى تقوية وجودها القوي أصلاً في لبنان بعد خسارة الأسد من خلال زيادة دعم حزب الله كتعويض، وللتأكد من أنّ نفوذها لن يتراجع في منطقة المشرق العربي. -3 قد تقوم الجماعات المتأثرة أو الملهمة بفكر القاعدة بإنشاء مناطق آمنة، فيما تتجه البلاد إلى الضعف والتفكك، وقد تقوم هذه الجماعات بالإشارة إلى التدخل الدولي الذي سيحصل لتأمين الأسلحة الكيماوية على أنه احتلال وذل لتجنيد مزيد من المتعاطفين. في جميع الأحوال ما رأيناه في هذه السيناريوهات التي عرضتها الدراسة لا يبشر بخير، وكنا نبّهنا مسبقاً إلى أنّ إطالة الأزمة في سوريا ستنتج عنها انعكاسات خطيرة جداً نرجو أن لا نكون متجهين إليها.