في تقرير نشرته الشرق الأوسط قبل شهرين تقريباً، عن قضايا الفساد داخل الأجهزة الحكومية وردت الإحصائية التالية: «تحتل المخالفات المالية والإدارية أي قضايا الرشوة والتزوير والاختلاس والمحسوبية وسوء استعمال السلطة واستغلال النفوذ %18 من مجمل القضايا المعروضة على القضاء الإداري والبالغة أكثر من 99 ألف قضية خلال عام واحد»، وقد أنجز ديوان المظالم 11256 من أصل 14620 قضية في هذا الخصوص، وفي هذا الخصوص هناك شعور بالمجمل العام بشيء متعثر و»مهربد»، قبل البارح كنت في نادي الرياض الأدبي مع الصديق علي بهلول الذي يقطر نزاهة وشفافية، لحضور الأمسية التي كان بطلها معالي رئيس هيئة مكافحة الفساد، الحضور كثيف جداً، لم أشهد مثله -شخصياً- إلا في محاضرة قدمها الفنان الكبير مشعل السديري قبل عام ونصف تقريباً. كانت الأمسية فرصة جميلة للتعرف على جوانب أخرى في حياة رئيس «نزاهة»، الذي له باع عريق في مجال الرقابة على المال العام، وأرجو أن يتسع لي صدر معاليه، بما أن وقت الأمسية لم يتسع لسؤالي الذي كان تعقيباً على اعتراضه على السؤال الذي طالب بإحصائيات واضحة في مجال المكافحة، من وجهة نظري «المهلهلة» أن عدم وجود إحصائيات بسبب أن الفساد خفي، أمر غير منطقي! الفساد متحجب، ونحن لانريد أن نظل وكأننا «نخارش» وحشاً وهمياً، أسنانه كمناشير سمك «البيرانا»، كما أننا تعلمنا في الرياضيات والهندسة «إلا إذا كان هلسوا علينا» أن أقصر مسافة بين نقطتين هي الطريق المستقيم، والطريق بلا إحصاءات دقيقة وواضحة تبين لنا أين نحن؟! وإلى أين نسير؟! وتزيح الغطاء، طريق متعرج، مكسور الجناح والنجاح ومليء «بالبطانج» التي لاتنتهي بنا إلى شيء حقيقي.