لم يكن يوم الجمعة المصادف 28 سبتمبر 2012، يوما عاديا للنظام الإيراني، وإنما كان واحدا من أصعب وأثقل وأعقد تلك الأيام العسيرة التي مرت به منذ أن ركب مركب الثورة الإيرانية، ونصّب من نفسه بالكذب والدجل ربانا عليها. يوم الجمعة هذا كان يوما فاصلا في عمر وحياة هذا النظام، لأنه بدد كل مكائده ودسائسه، وأحرق شبكته العنكبوتية السوداء التي نصبها لأقوى فصيل إيراني معارض من حيث الخطر والتهديد الأكبر عليه، وبعد أن كان هذا النظام يسرح ويمرح، ويصدِّر الإرهاب والجريمة المنظّمة إلى مختلف دول المنطقة والعالم، كان العالم يعتبر وبإيحاء من هذا النظام المخادع الفصيل الأساسي في المعارضة الإيرانية «منظمة مجاهدي خلق»، منظمةً إرهابية، لكن إذعان الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى منطق الحق والعدالة، ورضوخها للأمر الواقع، دفعها إلى إصدار قرارٍ بشطب اسم هذه المنظمة المكافحة في سبيل الحرية والديمقراطية في إيران من قائمة المنظمات الإرهابية، وهو ماشكّل صدمة ولطمة قوية جدا للنظام الإيراني، وأرجعته مجددا إلى المربع الأول، وجعلته وجها لوجه أمام الحقيقة والأمر الواقع. قرار إدراج منظمة مجاهدي خلق ضمن قائمة الإرهاب تم استغلاله من قِبل النظام الإيراني أبشع استغلال لممارسة مزيدٍ من القمع والاضطهاد ومصادرة الحريات والحقوق الأساسية للشعب الإيراني، وقام نظام الملالي أيضا بتعذيب وإعدام عدد كبير من السجناء السياسيين، وأعضاء وأنصار مجاهدي خلق بحجة هذه التسمية، مثلما تم أيضا استغلاله بنفس الأسلوب من قِبل الحكومة العراقية في سبيل ممارسة القمع ضد سكان «أشرف»، الذي يضم أعضاء مجاهدي خلق الإيرانية، متشبثةً بهذه التهمة، حيث قتلت 49 منهم، وأصابت 1100 آخرين بجروح، وفرضت حصارا ظالما عليهم منذ أربع سنوات، وقد قضى عدد كبير منهم نحبه جرّاء الحصارالطبي. إن إلغاء هذه التهمة الظالمة تعتبر الخطوة الأولى الأساسية والمطلوبة من أجل تصحيح سياسة المسايرة والمداهنة الخاطئة وغير المنطقية حيال نظام القمع وتصدير الإرهاب في طهران، الذي يعاني من ظلمه وجبروته الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية وشعوب المنطقة كلها. إن رفع هذه التهمة يزيل رادعا كبيرا من مسار تغيير النظام، وإقرار الديمقراطية في إيران، حيث إن هذه التهمة الجائرة كانت تلقي بظلالها على القاعدة الشعبية لمنظمة مجاهدي خلق داخل إيران، وتحد من القدرات الخلاقة للتغيير، الكامنة في المجتمع الإيراني، ولا تسمح لها بالظهور والتطور، وستثبت الأيام المقبلة كم كان هذا القرار ضروريا، وكم سيساهم في دفع عجلة التغيير السياسي في إيران قُدما نحو الأمام. وهناك نقطة مهمة جدا يجدر الإشارة إليها، وهي أن النظام الإيراني، لأهمية وحساسية مسألة بقاء منظمة مجاهدي خلق ضمن قائمة الإرهاب الأمريكية، سعى بكل جهده وقواه لمنع رفع هذه التهمة عنها، بل وأسس لوبيا خاصا به في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأناط بها مهمة عدم السماح بشطب اسم المنظمة من قائمة الإرهاب مهما كلف الأمر. هذا القرار المهم الذي يعتبر من أهم القرارات السياسية الدولية المتخذة بشأن الأوضاع في إيران، هو قرار سيقود إيران حتما نحو مفترق تاريخي حساس وحاسم، وقد تنفست الأوساط السياسية والإعلامية في المنطقة والعالم الصعداء لإصدار هذا القرار، الذي اعتبرته بمثابة قرع طبول التغيير في إيران.