تظهر للسطح هذه الأيام موضة جديدة من توظيف النص الديني في اللعبة السياسية من تبريز وأصفهان، حيث يجيدون حياكة السجاد والمؤامرات؛ اللطم وقراءة نص البراءة (التوبة) من المشركين سيكون موعده هذا العام في الحج! فما هي البراءة وممن؟ ومن سيقرأ البراءة؟ وهل هي سورة براءة القرآنية أم نص مختلف باللغة الفارسية؟ وهل سيقوم جند البزديج بضرب أنفسهم بالسلاسل والسواطير فيعيدوا مسرحية مقتل الحسين في كل عام مرة أو مرتين وكان مقتله مرة واحدة أكثر من كافٍ! نحن نعرف من السيرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل علياً رضي الله عنه ليقرأ سورة براءة في الحج. السورة كانت بمثابة الإعلان السياسي عن وضع الجزيرة العربية في تلك الأيام، أن ليس ثمة إلا دولة واحدة، ودستور واحد، وأن أولئك الخارجين عن القانون عندهم مهلة أربعة أشهر لتسليم أنفسهم والانصياع للقرار والانضمام إلى الدولة الجديدة. «براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين * فسيحوا في الأرض أربعة أشهر…» (التوبة 1-2). بعض الكتّاب (الفهمانين) من الحداثيين والإحداثيين أذكر منهم آركون الجزائري الفرنساوي، كيف أشكل عليهم الأمر في فهم مضمون سورة التوبة الحربية، وكشف المنافقين، واستنهاض المؤمنين للزحف إلى بلاد الشام لمواجهة بيزنطة. أشكل عليهم الأمر. قالوا إنها ضد حرية التعبير وإنها ضد التعددية وإنها فرض الرأي بالقوة المسلحة، والقضية هي وضع (دولة القانون) وانتهاء عصر القبلية والغارات والجاهلية. وفي ضوء هذا المفهوم يجب قراءة الآيات. حتى سيد قطب في ظلاله الجديد أعاد كتابة الأجزاء ال11 الأولى من القرآن واستفاض في شرح مفهوم الجهاد واختلط عليه الأمر، كما يختلط الأمر على دهاقنة خراسان فيخلطون الحق بالباطل كما كذبوا في الترجمة في مؤتمر عدم الانحياز على شكل طفولي فنطقوا بكلمة البحرين بدل سوريا! إذن رسل البراءة كما يزعمون هم من عبادان وطهران وأصفهان وزنكنا واليزدي والطبطبائي والتسخيري والجاعلي. وآية البراءة من المشركين تحمل في عمقها تكفير الآخرين ممن ليسوا في حزب (المقاومة والممانعة كذا!) طبعاً لا يدخل النظام السوري في براءة المشركين وعتاة المجرمين، فضلاً عن تطبيق (احصروهم واقعدوا لهم كل مرصد). لا بالعكس تماماً، يجب أن ينهار الريال الإيراني من آثار ضخ المليارات لنظام يترنح على وشك السقوط يغرغر في سكرات الموت. الويل لك طهرانوإيران وعبدان كيف تحولتم إلى أصنام جديدة، تعبدون أصناماً جديدة وتقيمون في كل زاوية صنماً. إنني أكتب هذه الأسطر وأنا حزين على مصير إيران وكيف تحولت الثورة إلى نظام قمعي استبدادي. يا حيف كما يقول المطرب السوري واحسرتاه عليك إيران أين كنت وأين أصبحت؟ يا حسرةً على أولئك الشباب الذين قضوا في الثورة. ويا خسارة على أموال إيران التي ضاعت بين السلاح والمغامرات. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.