كما يقال (لا ينفع البكاء على اللبن المسكوب)، ولن يفيدنا كذلك (جلد الذات)، ولن نحقق أهدافنا النبيلة، وغايتنا الشريفة، ومطالبنا الواقعية، وحقوقنا المكتسبة، ما لم نعمل جميعاً بقلوب تنبض بالحب، وبألسن تصدح بالحق، وبأيدٍ متشابكة، وبخطوات موزونة، وبأساليب حضارية، وبنقاشات عقلانية تحترم فيه وجهات النظر؛ ولذلك كل شخص منا يعدّ عضواً فاعلاً في مجتمعه يسعى للتغيير الإيجابي، كلّ في مدينته مهما كان منصبه، ومهما كانت ثقافته؛ ولذلك فالعمل الجماعي لا يوجد فيه أبطال وآخرون كومبارس، فالبطولة متاحة للجميع، والعمل المخلص الجاد متاح للكل، ولا مجال للتهرب أو اللجوء لحجج واهية، أو الاكتفاء بالتنظير ومراقبة الوضع عن بعد، وكأن الأمر لا يعنيه، وليكن شعار الجميع المقولة العامية الشهيرة (ربع تعاونوا ما ذلوا). ولذلك لابد أن نعي جميعاً أن التغيير ليس بالعمل السهل، وليس بالصورة التي يتصورها البعض؛ ولذلك هناك معوقات فكرية وأخرى مالية؛ ولذا فالمسؤول الواثق من نفسه يستجيب بسرعة البرق لكل، أو لأغلب، الأمور التي يطلب منه تغييرها، وتكون واضحة المعالم أمامه، وبالأدلة الدامغة؛ ولذلك يبادر في إيجاد الحلول الممكنة لها، التي تحقق رغبات المواطنين؛ لأنه اكتشف صدق ما كشفوه من سلبيات عن إدارته، وفي النهاية استفاد زيادة ثقة الناس به، واستفاد كذلك تطوير دائرته للأفضل، وهذا هدف يسعى إليه كل مسؤول عاقل متزن التفكير، أن يكون مَرضياً عنه من قبل الجميع، وهذا هدف استراتيجي لكل مسؤول، وبالعامية يهدف أن يكون عمله (يطلق وجهه). ومن أمثلة المعوقات الفكرية التي تقف حجر عثرة أمام التغيير للأفضل، ما يفعله بعض المسؤولين الذين ينطبق عليهم المثل الشعبي (أذن من طين وأخرى من عجين) مهما تظهر له من سلبياته، ومهما أتيت له بالأدلة الدامغة المثبتة لا يتغير مطلقاً، ولا يسير خطوة واحدة للأمام؛ لأن فكره قديم، وسياسته بالية، عفى عليها الزمن، ودائماً يكون صاحب هذا الفكر ممن وصلوا لأعمار كبيرة يصعب معهم التحاور، أو الوصول لبوادر إيجابية. وهناك من المسؤولين من يحب المديح الزائد حتى لو كان لا يستحقه مطلقاً، ولا يوجد في الواقع عمل خارق قام به كي نتفهم مطلبه الملح دوماً لهذه الهالة التي يريد الوصول إليها، وعندما تبحث عن سلبيات عمله يستشيط غضباً، ولا يريد تكرار مثل هذه الأساليب؛ لأنها تكشف حقيقة عمله المزيف، وهو يريد أن تمدحه فقط، وإذا لم تفعل ذلك فأنت في نظره عدو مبين، وشخص حاقد، وإنسان مريض لابد من إيقافك عند حدك، وكأن مطالب المواطنين تعدٍ على الحقوق، وكأن المطالبة بالتطور للأفضل جرم لا يغتفر، وكأن السكوت هو الحل الوحيد الذي يرضيه، في فلسفة غريبة وتفكير سطحي يظهر بوضوح من يقف وراء عدم التطوير. وفي الختام، لا يهمهم ما يتعرض له الجميع من مضايقات في سبيل تحقيق أهدافهم الإصلاحية، ولا ما يحاك ضدهم من قصص وهمية للنيل منهم، وتلطيخ سمعتهم، ولا يهمهم كذلك قطع حبل الود مع بعض المسؤولين، ولا يهمهم كذلك آراء الحاقدين، أو نظرة القاصرين، فالأهم هو الرقي بمدينتهم، وتحقيق مطالب سكانها، والعمل على معالجة السلبيات، والبحث عن الحلول المناسبة لها مهما كان الثمن، ومهما كانت التضحيات؛ لأن التغيير يحتاج لقلوب من حديد، ولعقول نيرة؛ ولذلك فالوطنية تحتم على الجميع العمل بكل جدية نحو تحقيق المطالب، والمطالبة بالحقوق، بعيداً عن الأنانية، وبعيداً عن أي أهداف أخرى لا تخدم الصالح العام؛ ولذلك أقول للجميع (للأمام .. لا تراجع ولا استسلام).